تَبرز مطالبات بإقرار قانون يميّز بين دخول الأراضي السعودية العادية والأماكن المقدّسة
ويحصل كثيراً أن يذهب حجّاج إلى بيت الله ولا يعودوا، ليتبيّن أنهم معتقلون في المملكة بنيّة تسليمهم إلى دولهم كأداة للتقرّب من تلك الدول. وتَعرّض للاعتقال، خلال سنوات ابن سلمان في ولاية العهد، حجّاج ليبيون سُلّموا إلى قوات خليفة حفتر، وآخرون أردنيون وفلسطينيون ومصريون وعراقيون وحتى خليجيون، في حين أن المعارضين السعوديين لا يستطيعون دخول البلاد أصلاً، والدعاة الذين يعتبرهم النظام خطراً عليه، جلّهم في السجون. ولم يسْلم من الاعتقال، كذلك، بعض أفراد أقلّية الأويغور الذين سُلّموا إلى الصين التي يسعى ابن سلمان للتودُّد إليها. وخلال سنوات مقاطعة قطر، لم تكتفِ السعودية بحرمان الحجّاج القطريين من دخولها، بل هدّدت بلداناً أفريقية فقيرة بمنْع شعوبها من الحج بعد رفضها مجاراتها في المقاطعة. كما رفضت زيادة أعداد الحجّاج الماليزيين على رغم توسعة الحرم المكي، إثر سحب ماليزيا قوّاتها من تحالف العدوان على اليمن عام 2018، وحذّرت إندونيسيا، وهي أكبر دولة إسلامية في العالم، من أنها ستضع عقبات أمام سفر حجّاجها إلى مكة ما لم تُصوّت لصالحها عند الحاجة في مجلس الأمن.
ومع استمرار ذلك الواقع، يُعاد طرح موضوع وصاية النظام السعودي على الأراضي المقدّسة، ولكن ليس من قِبَل دول مثل إيران، وإنّما من قِبَل بعض المعارضين السعوديين ومنظّمات حقوق الإنسان العربية والأجنبية؛ إذ طالبت منظّمة «سند»، في تقرير مفصّل عن انتهاكات هذا النظام، أصدرته لمناسبة استئناف الحج، بإقرار قانون يميّز بين دخول الأراضي السعودية العادية ودخول الأماكن المقدسة، لكنها استبعدت أن تُوافق حكومة الرياض على مطلبها لأنه سيفقدها أداة لممارسة النفوذ السياسي. وإلى جانب التسييس، يتحوّل المال أيضاً إلى حائل دون رغبة كثر في الذهاب إلى الحج. إذ ارتفعت تكاليفه إلى حدود جعلته حكراً على الأغنياء. حتى «تحويشة» العمر التي كان الناس يدّخرونها لتحقيق الحلم، لم تَعُد تكفي لإتمام ركنٍ من أركان دينهم، يعتبرونه مشروع العمر، ويبدؤوا بالادّخار والاستعداد له قبل زمن طويل من الوصول إليه. ويعود تضخّم الكلفة إلى أن الرياض رفعت أسعار الخدمات الإلزامية مثل خدمات المشاعر والطوافة والنقل، وأضافت خدمات إلزامية جديدة مثل حالات الطوارئ والتأمين الصحّي ورسوم التأشيرة. وإلى جانب زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 5% إلى 15%، أدّى التضخّم العالمي في الأسعار إلى ارتفاع خدمات الإيواء والغذاء في المملكة، فيما ارتفعت أسعار تذاكر الطيران كثيراً، بارتفاع أسعار النفط. وبحسب صحيفة «عكاظ» السعودية، تُقدَّر أسعار حملات حجّاج الخارج في المتوسّط، من دون نقل، بسبعة آلاف دولار للحاج الواحد، بينما يبلغ متوسّط تكلفة حجّاج الداخل 3 آلاف دولار، من دون نقل. والفارق الكبير بين السعرَين، تحمّله الصحيفة للأجهزة المختصة في دول الحجّاج.