باريس – بسّام الطيارةحصل ثالث لقاء بين بابا الكاثوليك بنديكتوس السادس عشر، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس، في المقر البابوي، بناءً على طلب باريس بحسب أكثر من مصدر، وهو ما لم تكذبه مصادر الإليزيه. الاجتماع وظروفه فُسِّرا بسعي ساركوزي إلى طمأنة الناخب الكاثوليكي في فرنسا، وهو المصدوم من تصرفات حكومته في طرد الغجر، الأمر الذي سبّب جدلاً بين الفاتيكان وباريس. فقد انتقد عدد كبير من الأساقفة بشدة السياسة الأمنية التي تبنتها حكومة ساركوزي، حتى أنّ البابا أكّد معارضته لقرارات الطرد، وقال إنّ «الكنيسة لا تنوي الدخول في جدالات سياسية». ويذكر الجميع دعوة البابا، في إحدى عظاته، إلى ضرورة «استقبال التنوّع الإنساني» باللغة الفرنسية حتى تكون الرسالة مفهومة.
إذاً، كانت المهمة الأولى للزيارة «تبديد سوء التفاهم»، وفق أحد المقربين من الوفد الرئاسي الفرنسي، وبالطبع سوف يتجنب ساركوزي هذه المرة تصرفات الزيارة الأولى حين أخرج هاتفه الجوّال ليعاين رسائله القصيرة، بينما كان البابا يلقي كلمته. وسيكون نجاح الزيارة الخطوة الأولى بالنسبة إلى الرئيس اليميني في سبيل استرداد الناخب الكاثوليكي الذي ابتعد كثيراً عن الساركوزية، لأسباب كثيرة؛ طلاق الرئيس وزواجه من كارلا بروني، ثمّ لأنه بعد ثلاث سنوات من الحكم، لم تُنفَّذ الكثير من الوعود التي ينتظر الناخب الكاثولكي تنفيذها: تراجعت القدرة الشرائية وازدات البطالة. أما بالنسبة إلى المطالب المتعلقة بالتعليم والتربية، فهي أقل مما كان ينتظره هذا الناخب. وفي القضايا الأمنية، ذهب ساركوزي أكثر مما يطلب هذا الناخب، وخدش شعوره بعمليات طرد الغجر. حتى استهداف المسلمين والمهاجرين، فهي سياسات تتوافق مع توجهات اليمين المتطرف ولا تنال أي تأييد في الأوساط الكاثوليكية التي تؤلف أكثرية عند الحديث عن الناخبين الفرنسيين الذين يرون أنّ العلمانية هي ضمانة ثابتة لقيم الجمهورية.
حضر ساركوزي قداس «صلاة من أجل فرنسا»، وبحسب المصادر، فإن التوافق بين باريس والفاتيكان قائم في عدد كبير من الملفات، منها الملف اللبناني وقضية مسألة الشرق الأوسط وأفريقيا.
مواضيع تحتل حيزاً في الساحة الدولية، فالفاتيكان، العضو المراقب في الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو ومنظمة التجارة العالمية، هو أيضاً عضو فاعل في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولم يستبعد بعض المراقبين أن يتناول رئيسا الدولتين الملف الإيراني، وخصوصاً أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد كان قد بعث، قبل يومين، برسالة إلى البابا أشاد فيها بمواقفه المدين «للتطاول على القرآن»، وشدّد فيها على «ضرورة التنسيق بين الأديان السماوية».