تسارع وتيرة رأب ما أفسده بوش في العلاقة الروسية ــ الأميركية

تستعدّ موسكو لتشغيل جديد في العلاقات الروسية ــ الأميركية، من خلال تعزيز دورها في أفغانستان ومساعدة حلف شمالي الأطلسي، الأمر الذي قد لا يعجب الصين

موسكو ــ حبيب فوعاني
إثر تنفيذ ضباط من مصلحة مكافحة المخدرات في روسيا وقوات الكوماندوس الأميركية عملية مشتركة على أرض أفغانستان أثمرت عن إتلاف مخدرات بمبلغ مليار دولار، أبدى رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، ميخائيل مارغيلوف، استعداد بلاده لإرسال المزيد من رجال شرطة مكافحة المخدرات إلى أفغانستان، وتدريب الكوادر الأفغانية، مشدداً على أن ذلك لا يعني «عودة القوات الروسية» إلى هذا البلد.
وتحدثت مصادر حلف شمالي الأطلسي عن اقتراح قادة الحلف على موسكو تفعيل مشاركتها في الحرب الأفغانية، مؤكدين أن هذا الاقتراح «أصبح في مرحلة التنسيق الختامية». ويعوّلون على الوصول إلى نتيجة حاسمة خلال زيارة الأمين العام للحلف، أندرس فوغ راسموسن، المرتقبة في الخامس من الشهر الجاري إلى موسكو، والتوصل إلى اتفاق رسمي خلال قمة الحلف، التي سيحضرها الرئيس الروسي دميتري مدفيديف في التاسع عشر والعشرين منه في لشبونة.
ولعل أفغانستان ستصبح أهم اتجاه في تعاون روسيا مع حلف شمالي الأطلسي، الذي نضج منذ وقت رغم نفي موسكو، التي تُجري الآن عملية مساومة كبرى مع واشنطن حول الملف الإيراني، والمصادقة في الكونغرس على اتفاقية «ستارت ـــــ 2» لخفض الأسلحة الاستراتيجية الهجومية، والدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا، وانضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، والتعاون النووي الروسي ـــــ الأميركي، وأخيراً إلغاء تعديل جاكسون ـــــ فينيك المقيد للتجارة مع الاتحاد السوفياتي ثم مع روسيا.
وأوضحت الأمانة العامة للحلف أن الاتفاقية مع روسيا ستشمل توريد مروحيات روسية وتدريب الطيارين الأفغان عليها، وتعليم الكوادر العسكرية الأفغانية في روسيا، وتوسيع إمدادات الحلف إلى أفغانستان عبر الأراضي الروسية، ومكافحة انتشار المخدرات، وتعزيز أمن الحدود.
تعاونٌ قد يكون مربحاً وخصوصاً للولايات المتحدة والحلف. فالأخير يسعى إلى أن تسلّم موسكو بوجوده الطويل في آسيا الوسطى، ويخشى في الوقت نفسه الهزيمة في أفغانستان، فيما تشعر واشنطن بالوحدة في الميدان، ولا سيما أن فرنسا صرحت بإمكان سحب قواتها مطلع العام المقبل.
ويبدو أن الكرملين أصبح ميالاً أكثر إلى إعادة تشغيل حقيقية للعلاقات مع البيت الأبيض، ويريد معالجة مشكلة المخدرات التي تتسرب إلى روسيا عبر حدود كازاخستان وطاجيكستان.
لكن من المهم معرفة كيف سيتعامل مع هذه الشراكة الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، وإيران، ودول آسيا الوسطى (خصوصاً أوزبكستان)، والصين، والأفغان البشتون، وشيعة الهزارة، الذين لا تقيم موسكو معهم أي علاقات.

الصين وأوزبكستان وطاجيكستان تتابع باستياء التنسيق الروسي مع الأطلسي

ويمكن القول إن قرضاي يسعى عمداً لتوتير علاقاته مع الغرب لحفظ ماء وجهه أمام الأفغان، الذين يرونه دمية بيد الأميركيين، فيما حافظ لمدة طويلة على مسافة ملحوظة من موسكو، ولم يحاول التقرب منها إلا بعد تدهور علاقاته مع الغرب.
من جهة أخرى، حافظت روسيا على علاقات وثيقة مع الأوزبك والطاجيك، الذين يتكوّن منهم الجيش الأفغاني، فيما لا تقيم علاقات (باستثناء تلك السرية) مع البشتون، الذين هم عماد «طالبان». لذلك، سيكون لموقف «طالبان» وزن خاص إزاء الدور الروسي.
أما باكستان، فلن تقف ضد مجيء الروس بعد عدة خطوات قامت بها موسكو لتحسين العلاقات مع إسلام أباد. لكن دولاً إقليمية منها الصين وأوزبكستان وطاجيكستان، تتابع باستياء التنسيق الروسي مع حلف الأطلسي، من دون اعتبار لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي ولمنظمة شنغهاي للتعاون، اللتين ترتبط بهما روسيا وهذه الدول.
على أي حال، يبدو أن عملية إعادة تشغيل العلاقات الروسية ـــــ الأميركية، التي انطلقت لتصويب سياسة جورج بوش الابن الهوجاء، قد زادت من سرعتها، وقد تنضج ثمارها في الميدان الأفغاني.