سُجِّلت نسبة نمو بلغت 19% عام 2009جمانة فرحات
في وقت يشغل فيه الأغنياء بأجهزة الكمبيوتر المحمولة الباهظة الثمن ويتسابقون إلى شرائها مبهورين بأسماء شركاتها المصنعة، فإن حلم الآلاف، وربما الملايين، من الفقراء الذين يحرَمون اقتناء هذه التكنولوجيا، بفعل عجزهم عن تحمّل كلفتها، في طريقه إلى التحقق، بعدما كشفت الهند عن خطة لإنتاج أول جهاز محمول يعمل باللمس بسعر لا يتعدى 35 دولاراً.
ومن يظن أن سعر الـ35 دولاراً لا يزال مرتفعاً، ولا سيما أن ملايين الفقراء يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، فهو محق. لذلك، أعلنت الهند أملها في خفض كلفة جهازها الجديد، الذي لم تحدد له اسم حتى الآن، على مراحل إلى 20 دولاراً ومن ثم إلى 10 دولارات فقط لا غير. وللجهاز، الذي أعلنه وزير الموارد البشرية والتنمية الهندي كابيل سيبال قبل نحو أسبوعين، مميزات عديدة لا تقتصر على سعره. فالجهاز مجهز بمتصفح إنترنت وإمكان الاتصال بالإنترنت لاسلكياً بتقنية «واي فاي»، وقارئ ملفات «بي دي أف» وقارئ متعدد الوسائط وفتحات توصيل «يو أس بي»، إضافة إلى إمكان التواصل عبر الفيديو. وهو ما يمنح مستخدمه أبرز التطبيقات التي يحتاج إليها.
وإلى جانب شكله الأنيق، فإن حجمه لا يتعدى 18 سنتيمتراً عرضاً و 23 سنتيمتراً طولاً، ويتمتع بقدرة التحكم عن بعد. ويتسم الجهاز الجديد بالمرونة لجهة إمكان استبدال قطعه أو إضافة محسنات إليه مثل رقائق ذاكرة الوصول العشوائي (رام) التي ستكون بحجم 2 جيغابايت. وسيعمل من خلال نظام التشغيل «لينكس»، هو الإصدار المجاني من نظام يونيكس (Unix).
ولعل الأهم بالنسبة إلى الهند، وسط معاناتها مشكلة كهربائية، أن الجهاز مزوَّد بطاريةً طاقتها 2 وات تسهل استخدامه في المناطق التي فيها نقص في إمدادات الطاقة، ويعمل كذلك بالطاقة الشمسية.
ويستهدف الجهاز الجديد، المتوقع أن يبدأ استخدامه العام المقبل، الطلاب نظراً لكونه جزءاً من مبادرة الهند الوطنية للمضي قدماً في التعليم الشامل وتوسيع نطاق استخدام الإنترنت في جميع كلياتها البالغ عددها 25 ألفاً وجامعاتها الخمسمئة.
وتعتزم الحكومة الهندية طرح مليون نسخة من الجهاز لطلاب الجامعات في المرحلة الأولى، على أن توسع توزيعه في وقت لاحق على المدارس الابتدائية والثانوية.
وقد طوّره فريق بحثي مكون من أساتذة جامعات وطلبة وخبراء للمعهد الهندي للعلوم (بنغالور)، والمعهد الهندي للتكنولوجيا (شيناي)، لكن سيلقى بمهمة تصنيعه على الشركات الخاصة، على أمل أن يطرح في الأسواق الهندية خلال ستة أشهر من الآن.
ووجود دور للشركات الخاصة عزز من شكوك البعض في إمكان نجاح الهند في الوفاء بالتزامها، ولا سيما أن سعر الجهاز وفقاً لمكوناته يتراوح بين 47 و50 دولاراً. كذلك فإن للهند تجارب سابقة فاشلة. إذ أعلنت العام الماضي نيتها إطلاق «جهاز كمبيوتر محمول» بسعر 10 دولارات، لكن المشروع لم ير النور بعدما بلغت كلفته 65 دولاراً.
إلا أن تصميم الهند على تخطي عقبة السعر، حتى لو تطلب الأمر دعماً حكومياً لإنتاجه يرجح نجاح خطتها، ولا سيما أنها باتت تتمتع بالريادة في مجال التكنولوجيا المنخفضة التكلفة وفي مجال البرمجيات والتصنيع المحلي.
ويأتي الجهاز الجديد بمثابة رد على مبادرة «منظمة كمبيوتر محمول لكل طفل» المتعثرة، بعدما تبين أن سعر الـ100 دولار لم يكن واقعياً، إذ بلغ السعر النهائي قرابة مئتي دولار. كذلك سببت الهند، التي كانت من بين أبرز الدول المستهدفة بالمشروع، على نحو غير مباشر تراجع بعض الشركات عن المشاركة فيه، بعدما خلصت نيودلهي إلى عدم وجود مصلحة لديها في شرائه نظراً لارتفاع تكلفته وإدراكها عجز مواطنيها الذين بلغ متوسط دخلهم الشهري للمرة الأولى 3 آلاف روبية (60 دولاراً أميركياً) عن شرائه.
ويتوقع أن يحدث الجهاز الجديد تحولات عديدة تتخطى المجتمع الهندي. فعلى الصعيد الداخلي، سيؤدي طرح الجهاز في الأسواق إلى تحقيق هدف الهند بالوصول إلى رفع نسبة مشتركيها من مستخدمي الكمبيوتر والإنترنت لضمان مواصلة ارتفاع معدلات النمو لديها، بعدما خلصت إحدى الدراسات إلى أنه في الاقتصادات المنخفضة والمتوسطة الدخل، تحقيق نمو بنسبة 10 في المئة في انتشار الإنترنت سيخلق نمواً نسبته 1.12 في الناتج المحلي الإجمالي الفردي.
وبالفعل فإن الهند نجحت في رفع عدد مستخدمي الإنترنت في البلاد ليبلغ 71 مليوناً في عام 2009 مسجلةً نسبة نمو بلغت 19 في المئة عن العام الماضي.
كذلك بلغت مبيعات أجهزة الكمبيوتر في الهند خلال فترة كانون الثاني إلى آذار 2010 مليونين ومئتين وأربعين ألف جهاز، مسجلة ارتفاعاً بلغت نسبته 33 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وفي مقابل زيادة مبيعات الكمبيوتر المكتبي بنسبة 18 في المئة، ارتفعت مبيعات أجهزة الكمبيوتر المحمول بنسبة 72 في المئة سنوياً في سنة واحدة لتبلغ 803 آلاف جهاز، وهو ما يفسر إصرار الهند على تطوير جهاز محمول منخفض التكلفة.
أما على صعيد التأثيرات العالمية، فجهاز كمبيوتر محمول بـ35 دولاراً من شأنه أن يحدث تغييراً في صناعة الأجهزة الإلكترونية الموجودة في الأسواق من كمبيوترات وقارئات الكتب الإلكترونية والهواتف النقالة. كذلك من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في دول العالم الثالث، ولا سيما أنه سيصبح في متناول عدد هائل من السكان، وهو ما دفع وزير الموارد البشرية والتنمية الهندية للقول إن «الحلول للمستقبل ستخرج منذ الآن من الهند».


ريادة في تكنولوجيا المعلوماتكذلك يتوقع التقرير أن تصل إيرادات تكنولوجيا المعلومات الهندية في عام 2020 إلى 225 مليار دولار. ويلفت التقرير إلى أن صادرات البرامج الهندية والخدمات الأخرى من المتوقع أن تبلغ 49.7 مليار دولار في العام الحالي، مسجلةً بذلك زيادة قدرها 5.5 في المئة.
وعلاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أن صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات ستتمكن من تحقيق معدل نمو بنسبة 5, 8 في المئة لتصل إلى 27.3 مليار دولار في العالم الحالي.