نيويورك ـ نزار عبود خاص بالموقع- تساؤلات كثيرة طرحها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عند عرضه تقرير الأمم المتحدة الجديد لعام 2010 بشأن تطبيق أهداف الألفية بعد عشرة أعوام من إطلاق مشروعها. أهداف ترمي إلى خفض الفقر إلى النصف وتعزيز دور المرأة والقضاء على عدد من الأمراض بين أمور أخرى. وفي مؤتمر عقده في نيويورك بحضور عدد من كبار خبراء المال والاقتصاد نقل الأمين العام صورة قاتمة عن مستقبل التنمية والاقتصاد العالمي، ربما تجعل تحقيق أهداف الألفية قبل نهاية عام 2015 سراباً، بل ربما يتضاعف الفقر جراء الأزمات المتلاحقة، وعلى رأسها الأزمة المالية. تحذيراته كانت موجهة بصورة أساسية إلى قمة العشرين التي تعقد الأسبوع المقبل في تورونتو، كندا. تساءل هل مشاكل منطقة اليورو المالية ستؤدي إلى تفاقم ركود من خانتين (فوق عشرة في المئة) ويزيد من عدد «المطابخ الخيرية»؟ «أم أنّ العالم بدأ بالخروج من إعصارات لكي يحصي أضراره وأضرار جيرانه؟ أم أنّنا نقف قبالة مركز العاصفة؟».
وأكدّ أنّ الإجابة عن تلك الأسئلة ستعتمد على أسلوب إدارتنا للأزمة الراهنة، مبدياً تفاؤلاً بأنّ كل القادة يدعون إلى المحاسبة والمسؤولية حيال الضعفاء من الأسر التي فقدت موارد رزقها.
وانتقد بان خطط الإنقاذ التي نفذت على مدى العامين الماضيين منذ نشوب الأزمة المالية، لأنّه «لم يصل إلى الأكثر فقراً منها سوى النزر اليسير». وإذ رحب بالنمو الذي تشهده الاقتصادات الناشئة، أعرب عن قلقه على أوضاع الاقتصادات الأخرى المتاخمة التي بقيت مهمشة. أمر جعل الكثير من الفقراء الضعفاء يرضون بالفتات في وظائف مضنية. وانضم 34 مليون إنسان لصفوف العاطلين من العمل، بينما تحوّل 215 مليون رجل وامرأة إلى عمال مدقعين. ولأول مرة في التاريخ يصل عدد الجياع إلى مليار نسمة.
وشدد بان على أنّ الانتعاش لن يكون ذا معنى إذا علم الناس عنه بواسطة الصحف وحسب. مشدداً على ضرورة أن يستهدف في خيره الضعفاء ويحسّن أوضاعهم المعيشية وأن يمتد إلى الاقتصاد الفعلي لا الدفتري.
ووضع اللوم في تفشي الفقر على نوعية الوظائف التي ترافق النمو الاقتصادي والتي تعرقل تحسين مستوى المعيشة للأفراد، أو تقلص نسبة الفقر. وطالب بالتركيز على تطوير الموارد البشرية في الدول النامية، والتركيز على «الوظائف الخضراء» التي تراعي هموم البيئة. وأن تتوجه الوظائف لتحسين وضع المرأة التي تتحمل مسؤوليات أسرية ضخمة وتمثّل «اللحمة الاجتماعية التي تحافظ على الأسرة والمجتمعات». وطالب قمة كندا بأن تأخذ على عاتقها حصة المرأة والطفل ضمن خطة واضحة. كما طالب بتخصيص المزيد من الموارد لمعالجة الفقر في أفريقيا. وبمساعدة صناديق مكافحة الأيدز والسل والملاريا.
«الأخبار» سألت الأمين العام عن العلاقة بين الفقر وانتهاك حقوق الإنسان وشن الحروب في غير منطقة من العالم. فأجاب بأنّ احترام حقوق الإنسان ينسحب على كلّ النواحي وله مردوده الإيجابي على أوضاع البشرية.
التقرير قال إنّ الأهداف قابلة للتحقيق إذا اقترنت بالشراكة. شراكة وصفها البروفسور جفري ساكس الذي شارك في المؤتمر أمس بأنّها غير متينة، لأنّ الدول الغنية لا تزال ممتنعة عن تلبية التزاماتها التي أقرت في قمة غلين إيغل في اسكتلندا عام 1995. وطالب الدول القوية بخفض ميزانياتها العسكرية وتخصيص قسم كبير منها لشؤون التنمية، لا سيما في القارة الأفريقية. كما طالب العالم بالاستثمار في السلام لأنّ الحروب تحرق الموارد وتفقر الشعوب، مستشهداً بصورة خاصة بما يجري في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي. لكنّه رفض في رد على سؤال لـ«الأخبار» اعتبار الأمم المتحدة استثماراً فاشلاً في مجال السلام. وقال إنّه بدون الأمم المتحدة ليس هناك حوار بين الدول، وهذا أخطر.
تقرير الأمم المتحدة سجل تقدماً في مجال التعليم الابتدائي في العديد من المناطق، لا سيما في أفريقيا، وبتضييق الهوة بين الذكور والإناث في المعاملة. لكنّه نبه إلى أنّ نصف سكان الدول النامية لا يزال يعاني نقصاً في المنافع الصحية. وأكد أنّ مشاكل المجاعة تفاقمت نتيجة الأزمات المالية والغذائية وأزمة الطاقة التي وقعت خلال الأعوام الأخيرة. لكنّه أشار إلى أنّ عدد الفقراء الذين يعيشون دون مستوى دولار وربع دولار يومياً انخفض منذ 1990 بنسبة 46 في المئة.