بعد استقالة رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون من مهمّاته على رأس حزب العمال، يُتوقّع حصول معركة شرسة على خلافته، أبطالها زوجان وشقيقان يتنافسون على المنصب
ديما شريف
عاش البريطانيون منذ ليل الخميس في 6 أيار حتى ليل الثلاثاء في 11 منه، انتظاراً مشوّقاً لمعرفة كيف ستنتهي المفاوضات بين حزب الأحرار الديموقراطيين وحزبي العمال والمحافظين كي يتعرفوا على رئيس وزرائهم الجديد. وبعد ما حُسمت المعركة لمصلحة زعيم المحافظين ديفيد كاميرون، واستقالة غوردن براون من رئاسة الوزراء وحزبه في الوقت نفسه، تتجه أنظار البريطانيين إلى معركة أخرى تدور رحاها على منصب رئاسة العمال الذي خسر 91 مقعداً في الانتخابات العامة.
وستكون هذه انتخابات رئاسة الحزب الأولى منذ سنوات، إذ وصل براون إليها دون اقتراع بعدما قرر سلفه رئيس الوزراء السابق توني بلير تعيينه فيها، مكافأة له على تنحيه في 1994 لمصلحة بلير في معركة رئاسة الحزب ووقوفه إلى جانبه في حرب العراق.
وهناك حتى اليوم خمسة مرشحين محتلمين لهذا المنصب المهمّ. أولهم زير الخارجية السابق ديفيد ميليباند (44 عاماً). ويدفع مناصروه باتجاه فرض ترشيحه كالأقوى على الساحة باعتباره الأقرب سناً إلى كاميرون (44 عاماً) وزعيم حزب الأحرار الديموقراطيين نك كليغ (43 عاماً) وبالتالي ينتمي إلى نفس الجيل، ويستطيع منافستهم في البرلمان وبين الناس. كما يعوّل مناصروه على أنّه الوحيد القادر على إعادة عز ومجد حزبهم الماضي، بعد فضائح سنوات بلير ـــــ براون، التي بدأت مع حرب العراق وانتهت بنفقات النواب. ورغم توقع مساندة بلير لترشيح ميليباند فإنّ هذا الأخير يحاول في الفترة الأخيرة زيادة المسافة بينهما كي لا يقضي على حظوظه في الفوز. إذ قال إنّه لم يكن يجب على بريطانيا أن تدعم الحرب على العراق لكونها كانت تعلم أنّه لا وجود لأسلحة دمار شامل.
المنافس الأبرز لميليباند، ابن الباحث الماركسي المعروف رالف ميليباند، هو شقيقه الأصغر إد (40 عاماً)، الذي كان زميله في الوزارة المستقيلة، إذ كان وزيراً للطاقة والتغيير المناخي. يختلف إد عن ديفيد في أنّه يمثل وجهة النظر اليسارية داخل الحزب على عكس شقيقه، وهو كان مسؤولاً عن كتابة بيان حزبه الانتخابي. وقال ديفيد إنّ التنافس مع شقيقه الأصغر لن يثير نزاعاً عائلياً. وأضاف إنّ «العائلة هي أهم شيء في حياتي... أيّ منا لن يفعل شيئاً لتعريض العائلة للخطر». وقال إنّه سيعفي والدته، ماريون، وهي عضو في حزب العمال من التصويت لأيّ منهما يوم الانتخاب.
ينافس الأخوين ميليباند، وزير التعليم الأسبق إد بالز (43 عاماً) المفضل لدى براون. وقد ترأس بالز الهجوم العمالي على كاميرون وكليغ منذ نهاية الانتخابات التي كاد أن يخسر فيها مقعده. ويناصر بالز أعضاء النقابات المنتسبة إلى الحزب. وهو قال إنّه يعرف أنّ الحزب يريد «نقاشاً حقيقياً» وهو ينظر إلى ذلك بجديّة.

سيعفي ديفيد ميليباند، الذي يتنافس مع شقيقه إد، والدته من التصويت
لكنّ بالز قد يواجه منافسة من مكان لم يكن يتوقعه، إذ هناك شائعات عن أنّ زوجته إيفيت كوبر (41 عاماً)، وهي وزيرة سابقة، ستترشّح للمنصب، رغم أنّها قالت خلال الأسبوع الماضي إنّها لن ترشح نفسها للمنصب الآن.
كذلك من المتوقع أن ينضم للسباق المشرع جون كروداس (48 عاماً) بعدما رفض حقيبة وزارية في حكومة براون.
وسيجري الانتخاب، من بين المرشحين الشباب، قبل مؤتمر الحزب السنوي في أيلول المقبل، وسيشارك في العملية نواب الحزب في مجلس العموم، نوابه في البرلمان الأوروبي، الناشطون فيه، وأعضاء النقابات المنضمة إليه.
إلى جانب معركة الرئاسة ينتظر الشعب من العمال تحديد خياراتهم للسنوات المقبلة لتحديد عنوان عريض لسياساتهم وإيديولوجيتهم: هل سيبقون على سياسات الوسط، أي صديقة الأسواق التي أسس لها بلير، أم سيقاربون الأزمة المالية العالمية بالعودة إلى جذورهم اليسارية؟