خاص بالموقع - أعرب محلّلون غربيّون في مجال مكافحة الإرهاب عن اعتقادهم بأن التقدم في جهود السلام في الشرق الأوسط سيضرّ بتنظيم القاعدة من خلال إسقاط ركيزة مهمة في الدعاية التي يحيط بها نفسه. غير أن زعماءه الذين يتمتعون بقدرة على التكيف سيحاولون إصلاح ما يفسد باستغلال نزاعات أخرى مع الغرب.ويحتل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي موقعاً مهماً في قائمة تظلّمات تنظيم القاعدة، ومنها المصادمات المباشرة بين المسلمين واليهود، فضلاً عن الأهمية الدينية للأماكن المقدسة بمدينة القدس والاعتقاد السائد بين العرب بانحياز الولايات المتحدة لمصلحة إسرائيل.
وتلائم هذه العناصر رسالة تنظيم القاعدة البسيطة والشعبوية، بأن الإسلام يتعرض لهجوم من الغرب العدواني الذي يحتل أراضي مسلمة ويدنس أقدس المواقع الإسلامية.
ويقول محللون إن الوصول الى حل لمشكلة الشرق الأوسط، وإن كان هذا صعباً كما يبدو، سيساعد في تجفيف منابع المتشددين المحتملين.
وقال المتخصص في التشدد الإسلامي العنيف بجامعتي برينستون وهارفارد ومؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية، توماس هيجهامر، «لا يهم ما يعتقده (أسامة) بن لادن (زعيم القاعدة) بشأن فلسطين، أو ما إذا كان تنظيم القاعدة سيتوقف عن القتال».
وأكد أن «المهم هو الدور الذي تقوم به القضية الفلسطينية في تعبئة مجندين جدد، وفي تكوين مجموعة من المتعاطفين الذين يغضّون الطرف حين يجمع الجهاديون الأموال ويحيكون المؤامرات».
وأوضح أن «كل من درس عن كثب التجنيد للجهاد، سيقول إن فلسطين مهمة على هذا الصعيد. من الواضح أنها ليست العامل أو مصدر التظلم الوحيد، لكنها أكثر قضية يستحضرها المجنّدون».
في المقابل، أقرّ محللون بأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس المحرك الرئيسي أو حتى المباشر وراء الهجمات التي تشن على مستوى العالم.
ولم يجعل المتشددون المتعددو الجنسيات من إسرائيل أولوية ضمن أهدافهم. فالقائمة هزيلة لا تتجاوز هجمات على أهداف يهودية في كينيا عام 2002، وتونس عام 2002، والهند عام 2008، فضلاً عن تفجير انتحاري نفذه بريطاني من أصل باكستاني في تل أبيب عام 2003.
ويقول الخبراء إن الخطر يكمن في أن الصراعات التي لم تحلّ مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، توفر نسيجاً يربط القاعدة بالجماعات المتشددة المتباينة، ويجعل المسلمين الذين لا يتبنّون إيديولوجية معينة يتسامحون مع هذا التنظيم.
وقد بدأ مسؤولون غربيون يلاحظون هذا.
وقال المنسق السابق للاستخبارات السويسرية، جاك بيتلو، لا شك أن الصراع «وما يعتبر كيلاً بمكيالين في السياسة الخارجية الغربية» عاملان مهمان يمكّنان «الجهاديين» من تجنيد عناصر في صفوفهم.
وأضاف «هذا لا يعني أننا بحاجة إلى أن نفعل أشياء تفيد القاعدة. لكن إذا حلّت القضية سلمياً، فإنها ستقطع شوطاً طويلاً في معالجة مشكلة التشدد».
بدوره، أوضح السفير الأميركي السابق لدى أفغانستان، رونالد نيومان، أن فكرة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني «تستغل بلا نهاية من قبل تنظيم القاعدة، وقضية الظلم تأخذ أشكالاً مختلفة بسلاسة في أفغانستان والعراق. لا شك أن هذا يضرّنا».
ورأى العضو في الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» وجهاز الأمن الداخلي «شين بيت» أن «القاعدة يرى الحل تهديداً، وعدم الحل فرصة» لتنفيذ المزيد من الهجمات.
إلا أن مصدراً سياسياً إسرائيلياً مطّلعاً رفض اعتبار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سبب المشكلة، ورأى أن «بعض الجنرالات الأميركيين يبحثون في ما يبدو عن أعذار لإخفاقاتهم في العراق وأفغانستان من خلال إلقاء اللوم علينا».
وفي السياق، قال مدير مركز دراسات التطرف بكلية كينجز كوليدج في لندن، بيتر نيومان، «يجب ألا يتوقع العالم أن يزول تنظيم القاعدة، إذا كان هناك حل (لمشكلة) الشرق الأوسط. يمكن أن تستغل قضايا أخرى.
«لكن يمكن القول إنه يجب أن ينظر إلى الغرب على أنه يبذل جهداً، ولا يكيل بمكيالين، وسيسهم هذا إلى حد ما في تحسين الأمور».

(رويترز)