موسكو ــ حبيب فوعاني خاص بالموقع- بعد فوز فيكتور يانوكوفيتش في الانتخابات الرئاسية، لم يشأ رئيس أوكرانيا المستقلة الرابع الذهاب إلى موسكو. وبدلاً من ذلك، قرر أن تكون زيارته الأولى الخارجية إلى بروكسل. لذلك سبب مهم، فقد كان للمراقبين الأوروبيين القول الفصل في نجاحه في الجولة الثانية من الانتخابات التي جرت في السابع من شباط الماضي، حيث أكدوا بصوت واحد نزاهتها، رغم أن من الصعب اعتبار أي انتخابات تجرى في الفضاء السوفياتي السابق ديموقراطية بالكامل، باستثناء دول البلطيق، ما أفقد منافسته سيدة أوكرانيا الحديدية يوليا تيموتشينكو صوابها وأجبرها على الانزواء يومين كاملين لاستيعاب الصدمة. فهي كانت تعوّل على الأقل على صمت بروكسل لكي تعلن ثورة جديدة على خصمها القديم الجديد كما حدث عام 2004.

من جهته، عدل الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف عن الذهاب إلى كييف لحضور مراسم تنصيب يانوكوفيتش في 25 شباط الماضي، مفضلاً استقبال الرئيس اللبناني ميشال سليمان في موسكو.

غير أن موسكو رفعت فجأة مستوى زيارة يانوكوفيتش من زيارة عمل إلى زيارة دولة بعد انتصاره النهائي، حين حجب البرلمان الأوكراني الثقة عن حكومة «الأميرة البرتقالية» أمس، التي لم تعترف بهزيمتها على أي حال، ووعدت بتنظيم معارضة قوية للرئيس الجديد تحرمه «من لعب الغولف والتنس بهدوء».

وربما كان اهتمام موسكو المفاجئ بالزيارة لتأكيد أهمية عودة العلاقات الطبيعية بين الدولتين بعد مغادرة فيكتور يوتشينكو «البرتقالي» الآخر منصبه الرئاسي.

يانوكوفيتش من ناحيته، قال إن العلاقات بين البلدين «ستشهد انعطافاً حاداً» نحو التحسن. هو الذي يرغب، بحسب المراقبين، في خفض سعر الغاز الروسي المورّد إلى بلاده، التي تدفع 305 دولارات في مقابل كل ألف متر مكعب من الغاز، بينما تدفع دول البلطيق 260 دولاراً، وألمانيا 273 دولاراً. في المقابل، سيقترح الرئيس الأوكراني على روسيا إنشاء كونسورتيوم مشترك بشأن شبكة أنابيب الغاز الأوكرانية.

وفي ضوء تردد بروكسل في منح كييف دفعة جديدة من القروض، يريد يانوكوفيتش الحصول على قرض بقيمة مليارين أو ثلاثة مليارات دولار من روسيا، بهدف اجتياز بلاده أزمتها الاقتصادية بسلام. هذا عدا عن إلغاء الحظر والقيود على استيراد بضائع أوكرانية مثل الأنابيب المعدنية.

في المقابل، تريد القيادة الروسية من الرئيس الأوكراني إعلاناً بتمديد فترة مرابطة الأسطول الروسي في القرم الأوكرانية، التي تنتهي عام 2017، والامتناع عن الانضمام إلى حلف شمالي الأطلسي، والانضمام بشكل أو بآخر إلى الاتحاد الجمركي الموحد، الذي يضم روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا، المقرر بدء عمله في عام 2012. ويضاف إلى ذلك تحسين وضع اللغة الروسية القانوني في أوكرانيا وعدم إعادة كتابة تاريخ أوكرانيا وتشويه علاقتها التاريخية بروسيا.

ويبدو أن كل شيء قابل للتفاوض، ما عدا الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، الذي رفضه يانوكوفيتش في تصريح له أمس. ومهما كانت نتائج هذه الزيارة، فإنها ستدقّ المسمار الأخير في نعش «الثورة البرتقالية» و«انبطاح» أوكرانيا أمام الغرب وعدائها الصبياني لروسيا.