باريس ــ بسّام الطيارة يدرك الجميع أن الدبلوماسية لها كواليسها وأصولها ومهاراتها، وفي مقدّمها «السرية». اليوم، من الصعب جداً إعلان أيّ لقاء بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مهما كان مستوى اللقاء وموضوعه. لكن هذا لا يمنع اللقاءات. وقد علمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن لقاءً حصل في وزارة الخارجية الفرنسية، تحت رعاية ممثّلة فرنسا الخاصة لشؤون الاقتصاد والثقافة في الشرق الأوسط فاليري هوفنبرغ، تحت عنوان «باريس جيروزاليم»، جمع بالنيابة عن مندوبة فلسطين العامة في باريس هند خوري، المستشارة السياسية في الممثلية العامة في باريس تغريد سنوار شوارتز، إلى جانب عدد من ممثّلي «الجمعيات الناشطة في إسرائيل»، ومنها جمعية «بيت هام» التي أسسها هنري كوهين سولال.
وذكرت المصادر أن الجهة الفلسطينية أصرّت على «التخفيف من الضجة لا السرية». ولم يكن «ممكناً» تأجيل اللقاء، إذ إنه بحسب هذه المصادر يسعى إلى الإعداد لمؤتمر في جامعة «باريس ٩ دوفين» الخاصة بالأعمال، يقام لمناسبة الزيارة الرسمية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في ١٣ و١٤ و١٥ نيسان المقبل ويحضره رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وسيكون المؤتمر اقتصادياً فرنسياً إسرائيلياً فلسطينياً وله «طابع ثقافي» مدعوم من عدد من رجال الأعمال. إلا أن دبلوماسيّاً عربيّاً متابعاً ذكر لـ«الأخبار» أن كوهين سلال، هو الذي يقف وراء هذه المبادرة «الثقافية ـــــ الاقتصادية». ويشير الدبلوماسي إلى أن «عمل سولال الاجتماعي» يتناقض مع الأهداف المعلنة لفاليري هوفنبرغ، فهو يسعى أولاً إلى الحصول على مساعدات مالية لجمعيته المعروفة باسم «المنازل الدافئة» التي تسعى إلى إدماج الشباب الإسرائيلي في المجتمع. والجمعية بدأت أعمالها في ضاحية باريس عام ١٩٧٦ تحت شعار «لا تنتظروا ما يمكن إسرائيل أن تقدمه لكم، ولكن التفتوا إلى ما يمكنكم أن تقدموه لإسرائيل». وقد انتقلت إلى إسرائيل على أيدي مهاجرين فرنسيين، وبات عدد مراكزها ٢٠.
ومن المعروف أن هوفنبرغ، التي عيّنها ساركوزي رغم كونها مديرة فرع فرنسا في «الجمعية اليهودية الأميركية»، هي أيضاً عضو في المجلس البلدي لباريس، وحافظت على علاقات متينة مع الجمعيات الإسرائيلية الناشطة في فرنسا والولايات المتحدة. ورغم عدم تسرّب معلومات عن فحوى لقاء أمس، إلّا أن المقرّبين من الملف يشيرون إلى أن هذه اللقاءات هي بطبيعتها تمهيدية للإعداد للقاء بيريز وفياض فقط، وهي تفيد بنحو غير مباشر الإسرائيليين، من حيث إبراز دوام التواصل والاندفاع الإيجابي لجمعياتهم الناشطة في فرنسا. أما الفلسطينيون، فلا حيلة لهم إلا القبول بما تطلبه منهم السلطة أو يعرضه عليهم الأوروبيون، «أكبر مموّل للسلطة الفلسطينية».