مع بداية العام الجديد، بدا أن تحوّلات بدأت تظهر في مواقف المعارضة الإيرانيّة، بما يضمن حصول تسوية تكفل عدم بقاء الأمور على حالها
معمر عطوي
يبدو أن ملامح حل مرتقب بين السلطة والمعارضة الإصلاحية في إيران، بدأت تظهر في الأفق، ولا سيما منذ عرض زعيم حزب «درب الأمل الأخضر» المعارض، مير حسين موسوي، مبادرة تتضمن خمس نقاط، مضمونها: أن تعلن الحكومة مسؤوليتها، وأن تعمل في إطار القانون، وإعداد قانون للانتخابات يضمن منافسة انتخابية نزيهة وعادلة، والإفراج عن جميع السجناء وإعادة الاعتبار إليهم، وضمان حرية الصحافة والتعبير، والاعتراف بحق الشعب في التجمعات القانونية والسماح للأحزاب بالعمل الحر وفق القانون. مع ذلك، بدا أن موسوي بقي هو الطرف الأصلب في المعادلة، عقب جنوح الرئيس السابق محمد خاتمي إلى السلم، باعترافه أن محمود أحمدي نجاد هو الرئيس الشرعي للبلاد، واعتراف أمين حزب «اعتماد مللي»، مهدي كروبي، بدوره، بشرعية الحكومة. لعلّ هذا المناخ السائد لم يكن ليتعزز بهذا الشكل، لولا تراجع الزعيم الخفيّ للمعارضة، رئيس مجلس الخبراء، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، منذ الأسابيع الأولى للاضطرابات. فهو، رغم انتقاداته العلنية والمبطّنة لآية الله علي خامنئي ولنجاد، حافظ على مسافة من المرشد، مؤكداً ولاءه له، بعد أسابيع قليلة من اتهامه بالعمل على محاربة نفوذ الولي الفقيه والعمل على تحديد صلاحياته.
ويبدو أن اتهامات السلطة للمعارضة، بالتواطؤ مع الغرب، وتهديدها لقادة التيار الإصلاحي، بتوجيه تهمة «الحرابة» لهم، قد جعلتهم يعيدون النظر بما قد يحلّ بالوضع السائد، وخصوصاً أن هذه التهمة، تعني محاربة الله ورسوله، وعقوبتها الإعدام. لذلك كان التصريح الأخير لموسوي تأكيداً بأن قادة المعارضة «أوفياء للدستور» ولا يسعون إلى قلب النظام، وإشارة إلى أن إعدامه وكروبي «لن يساهم في تسوية المشكلة». وفي ذلك رد واضح على ما أعلنه رجل الدين المحافظ النافذ، عباس فائز طبسي، من أن قادة المعارضة في إيران «أعداء الله» ويستحقون الموت طبقاً للشريعة. فعلى ما يبدو، أن قادة المعارضة أيقنوا أن استمرار تحركهم لن

قادة المعارضة أيقنوا أنّ استمرار تحرّكهم لن يصل سوى إلى طريق مسدود


يصل سوى إلى طريق مسدود، يصب في مضمون ما أعلنه مدّعي طهران، عباس جعفري دولت آبادي، من أن «ملاحقة موسوي وكروبي مستمرة لاعتقالهما قريباً»، أو إعدامهما تحت بند «الحرابة». وفي وقت تظهر فيه طهران قويّة على مستوى الخارج، حيث تسير قدماً في برنامجها النووي، غير آبهة بالمُهل التي تضعها مجموعة الدول الست لها للإيفاء بمطالب الغرب، ترى المعارضة نفسها في موقع المتهم بالمساعدة على قلب النظام بدعم من الخارج، وهي تهمة لا يستطيع رجال عايشوا الثورة منذ بزوغها في عام 1979 تحمّل تبعاتها. هذا الواقع قد يدفع خامنئي إلى مبادرة تجمع الجميع تحت عباءته، كما فعل في أعقاب انتخابات الرئاسة، بعد أن تحصل الحكومة على تنازلات من شأنها تقوية موقف السلطة وتعزيز هيبتها، رغم المعلومات التي جمعتها أجهزة الأمن الإيرانية عن تورط الاستخبارات الغربية في حركة الاحتجاج، ورغم ثبات مدى قوة النظام ووهن المعارضة على مستوى الشارع.
خطوات متبادلة، بدأها الإصلاحيون، يمكنها أن تسهم في ما لو انضم موسوي الى المعترفين بشرعية نجاد، في تهدئة الأجواء، والسير نحو تسوية محتملة عنوانها الأكبر، «حفظ منجزات الثورة».