إيران ترفع التخصيب إلى 20%... وتترك باب الاتفاق مفتوحاًقبل 48 ساعة على احتفالات ذكرى الثورة، أعلنت الجمهورية الإسلامية، أول من أمس، انطلاق عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، لكن من دون أن تقفل باب الحوار، مثيرةً ضجة دولية صدرت من عواصم القرار، وفي المقدمة واشنطن، حيث خرج باراك أوباما منفعلاً ليتهم إيران بأنها تسير على طريق التسلح النووي، متوعداً بفرض عقوبات دولية. كذلك لقيت الخطوة الإيرانية استنكاراً دولياً، لكن الصين، مربط الفرس لإمرار مجموعة رابعة من العقوبات داخل مجلس الأمن، دعت إلى التهدئة والحوار. أما الاحتفالات بذكرى الثورة، التي تنطلق اليوم، فقد ترافقت مع حملة اعتقالات شنّتها السلطةبعد ساعات من إعلان إيران البدء في عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، هرع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى عقد مؤتمر صحافي، توعّد خلاله بإصدار مجموعة جديدة من العقوبات قريباً، مفنّداً الدبلوماسية الأميركية الجديدة للتعامل مع الأزمة الإيرانية: الضغوط ثم العقوبات، فإن لم ينجح الخيار الأول، فلا بد من اللجوء إلى الخيار الثاني. ويبقى التحدي الأكبر لفرض العقوبات الحصول على موافقة الصين التي رأى أوباما أن تصويتها غير مؤكد.
ومن البيت الأبيض، قال أوباما «هذا يؤكد لنا، رغم إصرارهم على أن القوة النووية هي من أجل الاستخدام المدني فقط، أنهم في الحقيقة يستمرون في تطوير عملية تقودهم إلى السلاح النووي». وأضاف «سننظر في طرق مختلفة كي نقول لإيران إن سلوكها غير مقبول، والأمم المتحدة ستكون أحد هذه الأوجه على صعيد الجهود الدولية».
وتوجّه أوباما إلى الإيرانيين قائلاً «إذا أردتم أن تقبلوا اتفاقيات مع المجتمع الدولي تمهّد لتصبحوا عضواً ذا مقام جيد، فأهلاً وسهلاً. وإذا رفضتم ذلك، فإن العقوبات هي الخطوة التالية».
وتحدث الرئيس الأميركي عن توجهين للتعامل مع إيران: الأول تقديم عرض المفاوضات، والتهديد بزيادة الضغوط، والثاني العقوبات «إذا لم ينجح التوجّه الأول». وأضاف «لقد اتخذوا قرارهم حتى الآن، رغم أن الباب لا يزال مفتوحاً. وما سنعمل عليه خلال الأسابيع المقبلة هو تطوير مجموعة عقوبات جديّة على النظام، ستؤكد لهم العزلة الدولية التي سيقعون فيها».
وأوضح أوباما أن العمل على توسيع العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل مجلس الأمن الدولي يسير بسرعة، لكن ليس لديه وقت محدد لذلك، مشيراً إلى أن تصويت الصين غير مؤكد. ورأى أن العقوبات الأممية هي جزء من الضغوط الدولية على إيران، في إشارة إلى سلسلة من القيود الاقتصادية التي يمكن أن يفرضها الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى خلال الأشهر المقبلة.
وفي السياق، قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس لشبكة تلفزيون «فوكس نيوز» الإخبارية، إن «الأمر سيستغرق بعض الوقت، أقول أسابيع لا شهوراً، كي نرى ما إذا كنا لن نتمكن من استصدار قرار آخر من مجلس الأمن الدولي».
وفي أول تحرك أميركي باتجاه العقوبات، أعلنت وزارة الخزانة فرض عقوبات جديدة على أربع شركات تابعة للحرس الثوري ورئيس قطاع الإنشاءات في الحرس الثوري.
وتحظر هذه الخطوة، التي جاءت توسيعاً لعقوبات سابقة على الحرس الثوري ومؤسسة «خاتم الأنبياء» التابعة له، والمتخصصة في الإنشاءات، إبرام صفقات أميركية مع الشركات المذكورة وتهدف إلى تجميد أي أصول موجودة تحت الولاية القانونية الأميركية. وقالت الوزارة إن «خاتم الأنبياء» تعمل في إنشاء شوارع وطرق سريعة وأنفاق وأنابيب ومشاريع مياه، وتستخدم الأرباح التي تجنيها في دعم البرامج النووية والصاروخية الإيرانية.
وكانت إيران قد أعلنت، أول من أمس، مباشرة العمل في تخصيب اليورانيوم. وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة علي أكبر صالحي «بدأنا اعتباراً من اليوم (الثلاثاء) تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، في سلسلة (أجهزة طرد مركزي) منفصلة في نتانز». وأوضح أن هذه السلسلة المؤلفة من 164 جهاز طرد مركزي، التي تصنّف بمستوى «مختبر» أكثر منها بمستوى «مصنع»، ستنتج 3 إلى 5 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 في المئة في الشهر لمفاعل الأبحاث في طهران، «ما يمثّل ضعف حاجاتنا».
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن فريقاً من مفتشيها كان موجوداً في موقع نتانز لمراقبة عمليات التخصيب.
من جهة ثانية، ردّت إيران على الهجمة الدولية عليها بتأكيد استعدادها لمبادلة اليورانيوم المخصّب. ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست أن «الولايات المتحدة وفرنسا مخطئتان، والعقوبات لن تساعد في الخروج من المأزق». وأضاف «لا نزال على استعداد لعملية تبادل إذا أُخذ بمطالبنا، والباب لم يغلق».
وفي السياق نفسه، قال علي أكبر صالحي إن «الاتفاق ما زال مطروحاً على الطاولة». لكنّه شدد على أن التبادل يجب أن يجري «بالتزامن وعلى أرض إيرانية».
وفي المواقف الدولية، لمّحت موسكو إلى إمكان الموافقة على فرض عقوبات، من خلال قول أمين مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف إن «الوسائل السياسية الدبلوماسية مهمة للتوصل إلى قرار، لكن هناك حدود لكل شيء».
بدروها، شدّدت الصين على الحل الدبلوماسي. وقال المتحدث باسم الخارجية ما تشاو شيو «علمنا بالتقارير المعنية، ونتوقع وندعم كل الأطراف للتوصّل إلى اتفاق مبكر بشأن مسوّدة الاقتراح التي طرحتها وكالة الطاقة المتعلقة بمفاعل طهران للأبحاث، ما سيساعد في حل القضية». وأضاف «أمل الصين أن تدعم جميع الأطراف المعنية الجهود الدبلوماسية وتحرز تقدماً في الحوار والمفاوضات».
ولكنّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قال إن بكين أبلغت لندن أنها مصمّمة على منع حصول إيران على أسلحة نووية، وذلك على هامش مؤتمر لندن بشأن أفغانستان في 28 كانون الثاني الماضي.
كذلك حذّرت البرازيل من فرض عقوبات دولية جديدة على إيران، ودعت إلى تكثيف الحوار بدلاً من ذلك. ودخلت أنقرة على خط الأزمة، وأعلنت زيارة لوزير الخارجية أحمد داوود أوغلو إلى إيران، بعد زيارته لكازاخستان المقررة بين 10 و12 شباط الجاري. وقال داوود أوغلو إنه ليس متشائماً بشأن المسألة النووية الإيرانية، معبّراً عن اعتقاده بأنه لا يزال هنالك أرضية مشتركة.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)


اعتقالات عشية الاحتفالات بالثورةوأكد أحد قادة حراس الثورة الإيرانية «الباسدران»، حسين همداني، أنه لن يسمح «لحركة الخضر (المعارضة) بالتظاهر».
في المقابل، حثّت المعارضة أنصارها على حضور الاحتفالات. وذكر موقع «كلمة» المعارض أن 116 من أساتذة الجامعات أرسلوا خطاباً إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، طلبوا فيه مساعدته في وضع حدّ للاعتقالات. وأضاف أن محمد صالح نقره كار، وهو مستشار لزعيم المعارضة مير حسين موسوي، احتُُجز يوم الاثنين.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أن بلاده لن تشارك في الاحتفالات، رداً على الهجوم الذي تعرّض له مبنى السفارة الإيطالية في طهران احتجاجاً على تصريحات رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلوسكوني في إسرائيل.