تزامناً مع أوسع عملية عسكرية للتحالف في أفغانستان، كشفت تقارير صحافية عن اعتقال الرجل الثاني في «طالبان»، القائد الفعلي، الذي قد يكون الرجل الأفضل لعقد سلام
شهيرة سلّوم
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن الاستخبارات الأميركية والباكستانية نفذتا عملية مشتركة في كراتشي انتهت باعتقال الرجل الثاني في حركة «طالبان» الأفغانية، عبد الغني بارادار (42 عاماً).
«طالبان» نفت، وإسلام آباد رفضت أن تؤكد أو تنفي، صحة الرواية. لكن إن صحت، تكن الحركة المتمردة قد تلقت ضربة قاسية في عمودها الفقري. إذ إن بارادار ليس قائداً عادياً، أو حتى نائب الزعيم الروحي للحركة الملا عمر، بل بحسب المقربين، هو القائد الفعلي للحركة، يدير أمورها العسكرية والسياسية والمالية. فقد كان قرار الملا عمر أن «يبقى هو في مكان آمن، فيما يتولى رفيق دربه بارادار القيادة».
وبحسب بطاقة التعريف التي يعرضها موقع الإنتربول الدولي، فإن بارادار مولود في قرية ويتماك ـــــ ديراوود ـــــ مقاطعة أروزكان، وينتمي إلى قبيلة بوبالزاي. كان نائب وزير الدفاع في حكومة «طالبان» قبل إسقاطها، وهو معروف أيضاً باسم الملا بارادار آخوند.
ورغم أن اسم بارادار غير معروف كالملا عمر، فإن عناصر الحركة يتلقون الأوامر مباشرة منه. وهو المسؤول عن تكبيد الأميركيين خسائر فادحة في تموز الماضي، الشهر الأكثر دموية منذ بداية الغزو في 2001. إذ دعا حينها القادة الميدانيين إلى اجتماع طارئ ووجه تعليماته لهم: أن يعملوا على إبقاء خسائر «طالبان» في أقل مستوى ممكن، وتكبيد العدو أكبر قدر ممكن من الخسائر. لا تحاولوا أن تمسكوا بالأراضي عند مواجهة التفوق الأميركي العسكري من خلال قتالهم. اعتمدوا على تكتيكات العصابات ما أمكن. ازرعوا «وروداً» (العبوات الناسفة) على الممرات والطرقات البرية. ركزوا على نصب الكمائن للوحدات الصغيرة، باستخدام الأسلحة الأوتوماتيكية والقذائف الصاروخية. ابقوا على دراجاتكم النارية وأسلحتكم على ظهوركم. الأميركيون لديهم قوة عسكرية أكبر، لكن نحن لدينا إيمان وتصميم أكبر. تذكروا أنهم خسروا في فييتنام، لذا يمكن إلحاق الهزيمة بهم.
ويتحدث عناصر «طالبان» عن نفوذ بارادار، ويقولون إنه يعين ويطرد من يشاء من القادة والحكام، ويرأس المجلس العسكري ومجلس الشورى المركزي في كويتا، ويصدر أهم البيانات السياسية. وهو أيضاً يسيطر على مال الحركة، مئات ملايين الدولارات التي تأتي بدل تأمين الحماية لصناعة المخدرات وأموال الضرائب ورسوم الطرق وأموال «التبرعات والإحسانات» التي تأتي أساساً من دول الخليج.
كذلك قد يجرؤ أحد على القول إنه أخذ مكانة الملا عمر، رغم أنه يذكّر دائماً بقوله: «نحن نتصرف بناءً على تعليماته (عمر)»، من دون أن يحدد كيف وأين ومتى يتلقى هذه التعليمات، بل يشدد على «التواصل المستمر معه».
ما يجمع الملا عمر وبارادار متين وقديم. هما رفيقا الدرب في قتال السوفيات، بحيث كان بارادار مجاهداً في وحدة بقيادة عمر. وبعد انسحاب السوفيات، حاول عمر وبارادار الاستقرار في مايواند، وإدارة مدرستهما الخاصة، لكن تصرفات أمراء الحرب المحليين، من أعمال خطف واغتصاب وسرقة، أثارت اشمئزازهما، وانطلقا في مجموعة بدأت بـ30 رجلاً وانتهت بالسيطرة على البلاد.
ويرى البعض أن بارادار يمكن أن يكون الرجل الذي تبحث عنه كابول وواشنطن لعقد السلام. وتحدثت تقارير عن عروض سلام متبادلة جرت بينه وبين الرئيس الأفغاني حميد قرضاي. وفي مقابلة مع صحيفة «نيوزويك» الصيف الماضي، جرت عبر وسيط، يجيب بارادار عن سؤال عن تأييده في وقت ما للمحادثات: «ماذا سيكون موضوع المحادثات؟ وماذا ستكون النتيجة؟ مشكلتنا الأساسية مع الأميركيين أنهم هاجموا بلادنا. يعرضون المحادثات على أمل أن يستسلم المجاهدون أمامهم. نحن لا نرى أي منفعة للبلاد والإسلام في محادثات كتلك». ويشير إلى أن الشرط الأساسي لأي محادثات هو الانسحاب. وإن كان قطع العلاقة مع «القاعدة» هو شرطاً للسلام، يجيب: «قرارنا يكون وفق مصالحنا الوطنية!».