محمد سعيد، أرنست خوريثمّة سؤال مركزي يحوم حول لقاء القمة الذي سيجمع، اليوم، الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض: ما جدوى هذا الاجتماع، بما أنّ مواقف إدارتي أوباما وأردوغان تبدو واضحة وشبه نهائية من مجمل الملفات التي يتوقّع أن تحضر في المكتب البيضاوي؟ هي مواقف «شبه نهائية» وليست «نهائية»، لأنّ تسريبات أفادت بأنّ أردوغان يحمل في جعبته، إلى اجتماعه الأول مع أوباما في واشنطن، «عرض تبادل» أفغانياً ـــــ كردياً.
ورجّحت مصادر أميركية أن يربط أردوغان استجابته للاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان، بمشاركة أميركية أكبر في مكافحة حزب العمال الكردستاني، بحجّة أن الجيش التركي «مشغول في مكافحة مسلّحي الكردستاني في جنوب شرق الأناضول»، وبالتالي فهو عاجز عن الاستغناء عن هؤلاء الجنود لإرسالهم إلى أفغانستان، إلا في حال مدّ واشنطن يد المساعدة له بما يمكّنه من تخفيف وجوده على الأرض.
ولهذا السبب، سيكون من بين أعضاء الوفد المرافق لأردوغان في زيارته الأميركية، التي يكملها بأول سفرة يقوم بها رئيس حكومة تركية إلى المكسيك منذ 10 سنوات، رئيس الأركان العامة التركي الجنرال إرسلان جونير الذي سيطرح وجهة النظر العسكرية التركية في ما يتعلق بأفغانستان وبحزب العمال الكردستاني، وبالرابط بينهما.
لا شكّ في أنّ الملف الأفغاني سيتصدر جدول أعمال «اللقاء المقفل» الذي تحدث عنه أردوغان من على أرض مطار أنقرة، أمس، والذي كشف أنه ستتخلّله ملفات العلاقات الأميركية ـــــ التركية الثنائية، «ومسائل إقليمية ودولية راهنة، من العراق وأفغانستان وباكستان والشرق الأوسط (الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي) وشرق المتوسط والبلقان والقوقاز، ومكافحة الإرهاب (حزب العمال الكردستاني»)، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل (إيران)، والأزمة المالية العالمية، ومسألة التغيير المناخي، وأمن الطاقة».
إذاً، قد يكون الملف الأفغاني موضع «مساومة» بين المسؤولين، فإذا كان هناك مجال للاتفاق، كان به، وإن صعب الوصول إليه، يبقى الملف الأفغاني معلّقاً بين العاصمتين على قاعدة أن أميركا تقود المعركة العسكرية في أفغانستان، وتركيا تخوض المعركة المدنية وإعادة الإعمار فيه، وكلاهما تحت أجنحة الحلف الأطلسي.
على صعيد آخر، أجمع المراقبون على اعتبار أنه، إذا وجد أوباما وأردوغان نفسيهما أمام عقدة ستتحوّل إلى ما يشبه العقبة في «الشراكة النموذجية» التي دشّنها الرئيس الأميركي خلال زيارته إلى تركيا في نيسان الماضي، فستكون بسبب الملف النووي الإيراني. فتصريحات أردوغان في طهران، الشهر الماضي، أغاظت عدداً من مسؤولي عواصم الغرب، وبينهم واشنطن، حين أعرب عن ثقته بسلمية المشروع النووي الإيراني، معترضاً لا على سلوك حكام الجمهورية الإسلامية في محادثاتها مع الدول الغربية ووكالة الطاقة الدولية، بل على «المعاملة غير العادلة التي تنالها إيران من الغرب».
إلا أنّ كبير خبراء الملف التركي في «مشروع مارشال الألماني» يان ليسر، رأى أنّ الرجلين يشتركان في مبدأ أساسي: رفض رؤية إيران نووية عسكرياً. وبحسب ليسر، سيطلب أوباما من أردوغان، الذي التقى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي فجأةً في أنقرة يوم الجمعة الماضي، «توظيف علاقاته الجيدة مع حكام طهران لإبلاغهم رسالة قوية بوجوب تعديل سلوكهم». ويخلص إلى أنّ الملف النووي الإيراني يشكّل ثغرة بين العلاقات الأميركية ـــــ التركية حالياً، «قد تتحول إلى ثغرة حقيقية، لكنها لن تصل بها إلى حدّ الانهيار».