البلدان النامية تطالب بأكثر من 10 مليارات دولار سنويّاً
شهد اليوم الثاني من مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ في كوبنهاغن بداية التطرق إلى القضايا الشائكة، وخصوصاً التمويل الذي تطالب به الدول النامية

بسام القنطار
إلى حين موعد وصول الرؤساء والوزراء، مطلع الأسبوع المقبل، تطغى على مؤتمر كوبنهاغن اجتماعات عمل في مجموعات ضيّقة، بهدف وضع مشروع اتفاق جديد من خلال سلسلة من القرارات ذات الطبيعة التقنية. ومن النقاط الشائكة التي تُبحث، التمويلات التي ستخصص لمساعدة البلدان الأكثر تعرضاً للتغيّر المناخي على التأقلم مع بدء ارتفاع درجات حرارة الأرض.
وفيما يبدو أنّ فكرة تقديم تمويل عاجل بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً حتى 2012 تتجه نحو التحقّق، تطالب البلدان النامية بالتزامات أكبر بكثير. وسارع وزير البيئة البنغلادشي حسن محمود خنقدر إلى الإعلان، أمس، أنّ بلاده تطالب بما نسبته 15 في المئة من إجمالي المساعدات السنوية، بسبب الضرر الكبير الذي سيلحق بها جرّاء ارتفاع مستوى مياه سطح البحر.
بدوره، رأى وزير التنمية المستدامة، الفرنسي جان لوي بورلو، أنّ «التأقلم يجب أن يمثّل أساس الاتفاق»، وقدّر قيمة المساعدة الضرورية للبلدان الأكثر عرضة لهذه الظاهرة بـ600 مليار دولار (30 مليار دولار سنوياً على 20 عاماً). وتطرح فرنسا فكرة للتمويل تقوم على فرض ضريبة على التحويلات المالية قدرها 0.005 في المئة، وروّجت لهذه الضريبة خلال لقاء عقد في باريس في تشرين الأول الماضي.
وأظهرت مسوّدة وثيقة مشتركة أعدّت للقمة، أنّ الصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند ترغب في التوصل إلى معاهدة عالمية بشأن المناخ بحلول حزيران 2010، فيما اقترحت بعض الدول الأخرى نهاية عام 2010 موعداً نهائياً. واستبعدت المسوّدة فكرة فرض رسوم جمركية عند الحدود، ما سيضيف رسوماً إضافية على الواردات من الدول ذات معدلات التلوّث المرتفعة. وقالت إنّه لا يجب أن «تلجأ الأطراف إلى أي شكل من الإجراءات الأحادية، بما في ذلك الإجراءات عند الحدود، سواء المالية أو غير المالية، بشأن البضائع والخدمات». كذلك دعت إلى إنشاء صندوق عالمي للمناخ لمساعدة الدول النامية على الاستعداد لظاهرة التغيّر المناخي.
ولم تحدد الوثيقة نسب خفض الانبعاثات التي يجب أن تحققها الدول الغنية بحلول عام 2020، كذلك لم تحدد حجم الأموال التي تحتاج إليها الدول الأربع، من الدول الصناعية، لمساعدتها على الاستعداد لمواجهة ظاهرة التغيّر المناخي.
وكانت الصين والهند قد دعتا الدول الغنية إلى خفض انبعاثاتها بما لا يقل عن 40 في المئة عن مستويات عام 1990 بحلول 2020. ورداً على سؤال عمّا إذا كانت الدول النامية قد تخلّت عن هذا المطلب، قال مبعوث الهند الخاص بشأن التغيّر المناخي، شيام ساران، لوكالة «رويترز»، إنّ السبب هو رغبة بعض الدول في مجموعة السبع والسبعين والصين في نسبة أعلى من خفض الانبعاثات. وتابع «هناك تحالف دول الجزر الصغيرة الذي يقول إنّ الحد الأدنى يجب أن يكون 45 في المئة لا مجرد 40 في المئة. لذا فإنّ هذه مسألة تحتاج إلى مزيد من النقاش».
ووجّهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل انتقاداً لاذعاً إلى الصين، في حديث تلفزيوني، أمس، متهمة الدول النامية بأنها لم تحدد أهدافها بوضوح بعد. في المقابل، انتقدت الصين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان لوضعها مهلة عام 2020 لخفض انبعاثات الغازات التي تسبّب الاحتباس الحراري.
بدوره، قال الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إنّه من أجل التوصل إلى اتفاق جديد، فإنّه يجب الترويج لظاهرة الاحتباس الحراري على أنّها فرصة اقتصادية لا «جرعة من زيت الخروع يتعيّن على المرء أن يتجرّعها».

من المرجّح أن يصبح عام 2009 خامس الأعوام الأكثر ارتفاعاً للحرارة
وتوالت أمس التقارير العلمية المتعلقة بتغيّر المناخ، فأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنّه من المرجّح أن يصبح عام 2009 خامس الأعوام الأكثر ارتفاعاً للحرارة. وعام 1998 هو الأكثر ارتفاعاً في درجات الحرارة، ويرجع ذلك إلى ظاهرة «إل نينيو» المناخية التي تسبّب ارتفاع الحرارة بنسبة أكبر من الدرجة الطبيعية في شرق المحيط الهادي. وشهد العام الجاري أيضاً حدوث «إل نينيو»، ما يفسّر جزئياً الارتفاع في درجات الحرارة. كذلك صدر أمس تقرير علمي بريطاني يقول إنّ التغيّر المناخي يؤثر بشدة على المصابين بأمراض عقلية.
وكانت الشرطة الدنماركية قد هددت، أمس، كلّ من يفكر في التظاهر بأنّها «ستكون حازمة مع أعمال العنف». ويخاف أصحاب المتاجر في كوبنهاغن، وخصوصاً الأميركية منها، من تحوّل التظاهرة المقررة يوم السبت المقبل إلى أعمال عنف وتخريب في الممتلكات. ويأمل منظّمو التظاهرة أن تكون سلمية، ويتوقعون مشاركة ما بين أربعين ألفاً وثمانين ألف شخص. لكنّ بعض التجمعات اليسارية هددت باللجوء إلى العنف في التظاهرة، لأنّ القمة لا تعالج هواجس الدول الفقيرة الأكثر تضرراً من الاحتباس الحراري.
وكانت الدنمارك قد أعادت العمل بالحواجز الجمركية البحرية والبرية مع ألمانيا والسويد والنروج لمنع مثيري الشغب من دخول أراضيها وقت القمة.