خطّة خمسية بقيمة 350 مليون دولار لتشجيع استخدام الطاقات النظيفة كوبنهاغن ــ بسام القنطار
النهار لم يكن قد انبثق بعد في سماء كوبنهاغن، حين ضاقت قاعة «بيلا سنتر» بأكثر من ٤٥ ألف مشارك في مؤتمر الأمم المتحدة عن المناخ. حماسة المشاركين لم تنعكس في مجموعات العمل التي كان من المفترض أن تبدأ عند العاشرة والنصف من صباح أمس. وتوقفت على نحو مفاجئ بعدما لجأت مجموعة الدول الأفريقية، مدعومة من مجموعة دول الـ٧٧ والصين، إلى تعليق المفاوضات، متهمة الدول الصناعية بمحاولة قتل بروتوكول كيوتو.
وأعلنت الدول النامية أنها ترفض مواصلة المفاوضات، إلا إذا أُعطيت الأولوية للمحادثات عن فترة التزام ثانية بكيوتو بدلاً من المحادثات الأوسع التي تناقش «الرؤية الطويلة الأمد» للتغير المناخي. وهذه الخطوة تكتيكية، وسبق أن قامت بها الدول النامية في محادثات برشلونة الشهر الماضي. لكن أحد أعضاء الوفد الأفريقي عاد وأعلن في وقت لاحق أنه جرت العودة إلى طاولة المفاوضات.
ويلزم بروتوكول كيوتو الدول الغنية، التي صدّقت عليه (ما عدا واشنطن)، بخفض الانبعاثات، ولا يلزم الدول النامية بذلك. ورغم الدفاع المستميت عن البروتوكول من الجمعيات البيئية والدول النامية، بات من المعلوم أن مراسم دفن كيوتو ستجري في كوبنهاغن، لكن القلق المتصاعد هو في عدم نجاح أي «قابلة دبلوماسية» أن تضع اتفاقية جديدة ملزمة وممكنة التنفيذ تخلف كيوتو الذي تنتهي مفاعيله في 2012.
ولقد استتبع هذا الاحتجاج الأفريقي الرسمي باحتجاجات مدنية كبيرة قادتها المنظمات غير الحكومية داخل أروقة المؤتمر، الأمر الذي جعل قوات الأمن في حالة إرباك كبيرة. وغالباً ما تكون تحركات المنظمات غير الحكومية تحت السيطرة، وخصوصاً تلك التي تحصل على أذونات مسبقة، لكن ما جرى أمس في أمكنة عديدة داخل مركز «بيلا سنتر» أظهر أن عشرات التحركات جاءت عفوية ومساندة للاحتجاج الأفريقي، لكن ذلك لم يؤدِّ إلى اعتقال أي من المشاركين، على غرار ما حصل في مدينة كوبنهاغن، حيث أدت التحركات غير المرخصة إلى اعتقال العشرات لليوم الثالث على التوالي.
وفي وقت لاحق، أعلنت دائرة المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة، أنها ستقلص عدد ممثلي الجمعيات الذين سيسمح لهم بدخول مركز المؤتمرات إلى ١٠٠٠ مشارك يوم الخميس و٩٠ مشاركاً يوم الجمعة، رغم أن عدد المسجلين بلغ ٢٢٧٧٤ ألف مشارك من أصل ٤٥٢١٥، هو إجمالي عدد المسجلين، بينهم ١١٥٠٠ مشارك رسمي و ٣٤٧٨ إعلامياً.
وستصل المحادثات إلى الذروة يومي الخميس والجمعة، بحضور الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى جانب ١١٠ رؤساء دول. وبفعل تعثر المفاوضات، قرر رئيس الحكومة البريطانية، غوردن براون، الانضمام إلى مجموعات العمل قبل يومين مما هو مقرّر بهدف المساعدة على إيجاد حلّ توافقي، بحسب ما أعلن متحدث باسم براون.
وفيما تزداد الضغوط للتوصل إلى اتفاق، يُتداول حالياً بمسوّدة باتت تعرف باسم «مسوّدة الرئيس»، وهي خلاصة مجموعة من المسودات جرى قُدِّمت إلى رئاسة المفاوضات.
من جهته، سارع رئيس أمانة تغير المناخ في الأمم المتحدة، إيفو دو بوار، إلى عقد مؤتمر صحافي للتخفيف من حدة الاحتجاج الأفريقي، مشيراً إلى أن اجتماعات وزراء البيئة، برئاسة الوزيرة الدنماركية كوني هيدغارد ستستمر، وذلك بهدف الوصول إلى قواسم مشترك في مسوّدة الاتفاق التي تُتَداول والتي تواجه الكثير من المشاكل، ما سيؤدي إلى تفويت فرصة التصديق عليها من قادة الدول الذين سيحضرون يوم الجمعة المقبل.

عدد ممثلي الجمعيات الذين سيدخلون مركز المؤتمرات خلال القمة سيتقلص إلى ٩٠ مشاركاً

إلى ذلك، كشف وزير الطاقة الأميركي، ستيفن شو، عن خطة خمسية بقيمة 350 مليون دولار تقدمها أبرز الدول الصناعية، لتشجيع استخدام الطاقات النظيفة في الدول النامية. وجاء في بيان أن هذه الخطة ستسمح «بتسريع نمو الطاقات المتجددة والتكنولوجيات التي تحسن فاعلية الطاقة» في هذه الدول.
وهذه المبادرة بمثابة خطوة تشجيعية من إدارة أوباما للبند المتعلق بالتمويل، لكنها لا تعكس حقيقة الموقف الأميركي غير المعلن والمتعلق بالرقم النهائي للتمويل، الذي سيُلتزَم به. وتستهدف الخطة أربعة محاور هي تنمية الطاقة الشمسية للاستخدام المنزلي في مناطق غير موصولة بشبكات كهربائية، وتشجيع التكنولوجيات التي تقتصد في استخدام الطاقة، وإنشاء شبكة تقاسم معلومات عن الطاقات النظيفة، وتطبيق برنامج مساعدة لترويج هذه التكنولوجيات في الدول النامية. وسيصرف الأموال منتدى الاقتصاديات الكبرى حول الطاقة والمناخ، الذي يضم 17 دولة في مجموعة الثماني واقتصاديات أخرى متطورة وناشئة.