سيوقّعون... أجّلوا التوقيع... وقّعوا بتوتّر. هكذا حصل مع الأتراك والأرمن أول من أمس في سويسرا. الحدث التاريخي الذي تمثّل بتوقيع أنقرة ويريفان على بروتوكول تطبيع العلاقات بينهما، لم يمرّ على خير تماماً. كأنّ منسوب العداء بين البلدين حضر على طاولة وزيري الخارجية أحمد داوود أوغلو وإدوارد نالبنديان حين جاء دورهما للتوقيع على اتفاق السلام، على مرأى من أرفع مسؤولي العالم، من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون ومنسّق السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إلى رئيس الدبلوماسية الفرنسية برنار كوشنير، وبرعاية وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ـــــ ري.تأجّلت مراسم التوقيع في مدينة زيوريخ أكثر من ثلاث ساعات، بعدما اصطدمت في اللحظة الأخيرة بخلافات بشأن البيانات التي ستتلى في المراسم، ما أرغم كلينتون على الدخول في مناقشات مكثّفة مع الطرفين. ورغم التوقيع المتأخّر، وما تلاه من عناق ومصافحات بين داوود أوغلو ونالبنديان، ركّزت الصحف التركية على أجواء التوتر التي سادت الحفل، بدليل عدم صدور أي بيان ختامي عن الوزيرين، ولا حتى تصريحات شفهية عنهما.
وأكثر ما لفت هو مسارعة معظم دول العالم إلى الترحيب بـ«الإنجاز التاريخي». رحّب العالم بأسره ما عدا الأتراك والأرمن، أكان رسمياً أم شعبياً. فوسط الصمت الرسمي، علت أصوات التظاهرات الرافضة للاتفاق، وخصوصاً من الطرف الأرمني، إذ شهدت عواصم عالمية عديدة، إضافة إلى يريفان، تظاهرات غضب وتنديد ودعوات إلى عدم التوقيع.
ويتعيّن الآن أن يقرّ البرلمانان التركي والأرمني الاتفاق، في مواجهة معارضة من القوميين من الجهتين، وخصوصاً أرمن الشتات الذين يصرّون على أن تعترف تركيا بقتل ما يصل إلى 1.5 مليون أرمني باعتباره «إبادة جماعية».
وعلى صعيد المواقف العالمية، انبرت آذربيجان إلى اعتبار أن اتفاق السلام بين أنقرة ويريفان «قد يهدّد الأمن في المنطقة، ويلقي بظلاله على علاقات باكو مع أنقرة». وجاء في بيان لوزارة الخارجية الآذرية ما مفاده أنه «كان يجب ألا يجري التوقيع على مثل هذا الاتفاق فيما تبقى قوات أرمنية في إقليم ناغورني كاراباخ».
ولما جاء دور الأتراك ليتحدثوا عن الموضوع، أعلن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أنّ فتح الحدود مع أرمينيا «مرتبط بإحراز تقدم بشأن مسألة ناغورني كاراباخ». وقال، خلال اجتماع لمسؤولي حزبه «العدالة والتنمية»، إن تركيا تريد «فتح كل الحدود في الوقت نفسه، لكن ما دامت أرمينيا لم تنسحب من الأراضي الآذرية التي تحتلها، فلا يمكننا اتخاذ موقف إيجابي حيال هذا الموضوع».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)