ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها الصادر اليوم أن حركة «طالبان» الأفغانية تدير شبكة مالية متطورة لتمويل عملياتها، فتجمع مئات ملايين الدولارات من تجارة المخدرات غير المشروعة ومن عمليات الخطف والابتزاز والتبرعات الخارجية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وأفغان قولهم إن حركة «طالبان» فرضت في أفغانستان نظاماً خلاقاً لزراعة الأفيون ورعايته وشحنه هو وغيره من المحاصيل، مثل القمح، في الأراضي التي تسيطر عليها. وأشاروا إلى أن قادة «طالبان» في الشرق الأوسط أرسلوا أشخاصاً لجمع التبرعات من الدول العربية لإبقاء صناديق المتمردين مليئة بالأموال. وقال مسؤولون في الأمم المتحدة ووزارة الدفاع الأميركية للصحيفة إن تقدير عائدات «طالبان» السنوية تتنوع، ذاك أن إيرادات تجارة المخدرات غير المشروعة وحدها تتراوح بين 70 و400 مليون دولار سنوياً. ويؤدي تنويع مصادر التمويل وعدم الاعتماد فقط على الأفيون إلى توتّر جهود القوات الأميركية وحلف شمالي الأطلسي لإضعاف حركة التمرد من خلال قطع خطوط حبال السلامة الاقتصادية.
لكن «نيويورك تايمز» لفتت إلى أنه رغم جهود أميركا وحلفائها خلال العام الماضي للقضاء على تمويل «طالبان»، فإن المسؤولين الأميركيين يقرون بأن ما حققوه ليس بالأمر الذي يذكر. ونقلت عن النائب الديموقراطي، آدم سميث، من لجان الأجهزة المسلحة والاستخبارات في مجلس النواب الأميركي: «لا أظن أنّ بمقدورنا القيام بالكثير لعرقلة فاعليتهم من خلال قطع مصادر التمويل حالياً، وأنا لا أقول إنه لا يفترض بنا أن نحاول، بل الأمر أكثر تعقيداً من أن نتمكن من وقفه على نحو حاسم».
وأكدت الصحيفة أن قدرة «طالبان» على جمع المال تعقد قرار إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بشأن إرسال مزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان. وأشارت إلى أنه حتى إذا تمكنت أميركا وحلفاؤها من وقف تدفق الأموال للحركة، فتدريب المتهمين وتجهيزهم والدفع لهم في أفغانستان الفقيرة لا تكلف كثيراً، حيث لا يتقاضى المقاتلون إلا ما بين 200 و500 دولار شهرياً، كذلك إن رشوة المسؤولين الحكوميين والأمنيين الأفغان ليس بالأمر الصعب.
وذكرت «نيويورك تايمز» أن المسؤولين فوجئوا عندما علموا في الأشهر الماضية بأن التبرعات الخارجية، لا الأفيون، هي مصدر التمويل الأكبر لـ«طالبان». وقالت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» إنها قدرت أخيراً في تقرير سري أن قادة «طالبان» وشركاءهم تلقوا 106 ملايين دولار في السنة الماضية من متبرعين خارج أفغانستان.
ونقلت عن مسؤولين استخباريين ودبلوماسيين أميركيين قولهم إنه لا دليل حتى الآن على أن حكومات السعودية والإمارات أو الخليج تقدم مساعدات مباشرة لحركة التمرد الأفغانية، لكن مسؤولين استخباريين يشكّون في أن الاستخبارات الباكستانية ما زالت تقدم مساعدات مالية لحركة «طالبان» الأفغانية، وهو ما تنفيه الحكومة الباكستانية.
والمصدر الثالث الرئيسي لتمويل «طالبان» هو النشاط الإجرامي، بحسب الصحيفة، وهو يشمل الخطف وتقاضي دفعات حماية من أعمال شرعية كي تعمل في أراضٍ تسيطر عليها «طالبان». وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة أنشأت وحدتين جديدتين لعرقلة شبكات الإتجار غير المشروع والتمويل غير الشرعي، واحدة تحمل اسم «خلية خطر التمويل الأفغاني» في قاعدة برغام الجوية شمال كابول، والثانية «قوة التمويل غير الشرعي» في واشنطن وتهدف إلى اكتشاف وعرقلة الشبكات المالية الداعمة للإرهابيين وتجار المخدرات في المنطقة.
من جهة ثانية، حذّر قائد الجيش البريطاني، الجنرال ديفيد ريتشاردز، من أن الجمهور في بريطانيا بدأ يفقد ثقته بالمهمة العسكرية التي تنفذها قوات بلاده في أفغانستان.
وشدد الجنرال في رسالة نشرتها صحيفة «دايلي تليغراف» اليوم على أن كسب تأييد الجمهور البريطاني للتدخل في أفغانستان «تحول إلى كفاح الآن، وعلينا أن نعمل بصورة أفضل في هذا المجال». ودعا سياسيي بلاده إلى تجنب السعي إلى سحب القوات البريطانية مبكراً من أفغانستان لأن ذلك «سيعرّض المملكة المتحدة لخطر الإرهاب ويقوّض استقرار منطقة جنوب شرق آسيا، وعدم السماح لاستطلاعات الرأي بأن تقود سياستنا الأمنية».

(يو بي آي، الأخبار)