أقفلت محكمة باريس أمس قضية «أنغولا غايت»، بعدما حكمت بالسجن على عدد من المتورطين في القضية، في مقدمتهم الوزير الفرنسي السابق شارل باسكوا، والملياردير الإسرائيلي أركادي غايدماك
باريس ــ الأخبار
بعد مضيّ أيام على إقفال ملف محاكمات كليرستريم، أصدرت محكمة باريسية أحكامها في قضية بيع أسلحة لأنغولا المعروفة باسم «أنغولا غايت»، وقضت بحبس الوزير والسناتور الفرنسي السابق شارل باسكوا ثلاث سنوات، تنفّذ منها سنة مع دفع غرامة قدرها ١٠٠ ألف يورو. كما حكمت على رجل الأعمال الإسرائيلي أركادي غيدماك، الهارب إلى إسرائيل، والفرنسي جان فالكون، بستّ سنوات مع النفاذ، بينما حكمت على جان كريستوف ميتران، ابن الرئيس الفرنسي السابق، بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ ودفع غرامة قدرها ٣٧٥ ألف يورو بتهمة إخفاء استغلال أموال اجتماعية في إطار القضية نفسها.
في المقابل، برّأت المحكمة مستشار الرئيس ميتران سابقاً ومستشار الرئيس نيكولا ساركوزي حالياً جاك أتالي من تهمة قبض رشوة، مشيرةً إلى أن «ما قبضه كان مقابل عمل».
وتعود قضية «أنغولا غيت» إلى ما يقارب ١٥ سنة إلى الوراء، حين قررت الحكومة الفرنسية التي كان يرأسها إدوار بلادور في عهد فرانسوا ميتران حظر بيع السلاح إلى أنغولا، التي كانت تشهد نزاعاً عسكرياً ذهب ضحيته ما يزيد على نصف مليون مدني. إلّا أن «رجل الأعمال» جان فالكون وشريكه الإسرائيلي أركادي غايدماك بنيا شبكة لتهريب السلاح إلى نظام جوزيه إدواردو دو سانتوس (الرئيس الحالي لأنغولا) وعمدا إلى دفع عمولات لعدد من رجال السياسة الفرنسيّين، بينهم فرديريك ميتران، الذي كان إلى جانب جاك أتالي، «مستشار والده» فرنسوا ميتران للشوؤن الأفريقية. وقد شاركت آنذاك شركة «سوفيرمو» التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية، التي كان وزيرها شارل باسكوا، في توريد السلاح في مخالفة صريحة لسياسة الحكومة. وقدّرت قيمة الأسلحة التي شُحنت بـ ٧٩٠ مليون دولار، وقد جرى توزيع عمولات لعدد غير محدّد من الشخصيات والعملاء الذين توسطوا في العملية.
ولا تعدّ المحاكمة في قضية «أنغولا غايت» المرة الأولى التي تشهد فيها فرنسا محاكمة مسؤوليها، إلّا أن الجديد في هذه الأحكام أنها تعتمد بصورة ما على «دفاتر رجل الاستخبارات إيف برتران»، وهي مجموعة الملاحظات التي كان يدوّنها برتران، والتي كشفت عنها قضية «كليرستيرم».
وفي أحد هذه الدفاتر، التي كُشف عنها منذ سنة، إشارة إلى الرئيس السابق لإذاعة «مونت كارلو»، جان نويل تاسي، أحد المتهمين في القضية، بقوله «تاسي تسلّم أموالاً من فالكون لمصلحة ساركوزي». وبحسب مداولات المحكمة، فإن المبلغ كان مليون فرنك، وقد نفى ساركوزي الأمر، ورفع دعوى على برتران. إلّا أن المثير في الأمر أن أبرز المحكومين، باسكوا، هو «عرّاب» تيار يمين غرب باريس، الذي أورثه لساركوزي قبل عشرين سنة، ومنه انطلق ليبني قوته وصولاً إلى الإليزيه، وقد أراد قبل أيام توريثه لابنه جان.