«سي آي إيه» نجحت في ضرب العمود الفقري للحركةشهيرة سلّوم
ماذا يجري بين زعماء «طالبان» باكستان؟ هل نجحت الضربة الجوية الأميركية التي قتلت (على الأرجح) أمير الجماعة بيت الله محسود في إحداث شرخ بينهم بسبب خلاف على إمارة الحركة؟ على الأقل هذا ما يظهر من الأنباء المتضاربة؛ أولاً تلك المتعلقة بحقيقة مقتل بيت الله وإقرار «طالبان» بذلك، إذ مضى بعض وقت حتى أقرّ المعاونون الأساسيون لمحسود بمقتله، وثانياً ما قيل عن نزاع نشب بين هؤلاء الزعماء خلال اجتماع مجلس الشورى الطالباني في مكان ما بمنطقة القبائل لاختيار أمير جديد، أدى إلى مقتل متنافسين أساسيين لخلافة محسود، هما حكيم الله محسود وولي الرحمن، فضلاً عن مقتل 24 طالبانياً من أتباع الزعيمين. لكن ما لبث أن خرج حكيم الله حياً يُرزق، نافياً تلك الأنباء. ثالثاً وأخيراً ما تردّد تارة عن إعلان الزعيم الطالباني في باجور ومعاون بيت الله، فقير محمد، أمير «طالبان» باكستان المؤقت، وطوراً حكيم الله، لتعود وتظهر أنباء جديدة عن مقتل الأمير الجديد، وأنّ من خرج وتكلّم مع الإعلام كان شقيقه الأصغر منتحلاً شخصيته تفادياً لبروز انشقاق داخل الحركة.
في ظل هذه الصورة الملبّدة، فإن الأمر المؤكد أن معركة على إمارة «طالبان»، ساخنة أو باردة، تجري في مكان ما في منطقة القبائل، رغم أن الحرب الإعلامية التي تُخاض بالتوازي مع ساحات المعارك تجعل الأنباء الواردة منها موضع شك. والمؤكد أيضاً أن طائرات الاستخبارات الأميركية وأعوانها في شركة الحرب الخاصة «بلاك ووتر» قد نجحت في ضرب العمود الفقري لـ«طالبان» باكستان عبر قتلهم محسود.
والبلبلة الحاصلة داخل زعامات «طالبان» تدل على أن الفراغ الذي تركه محسود داخل تنظيمه العسكري لن يُملأ بسهولة. فرغم أن جيش محسود يتميّز بالصلابة، إلا أنه في المقابل تنظيم متعلق بكاريزما هذا القائد الذي استطاع بفضل نفوذه في المنطقة أن ينصّب نفسه أميراً غير رسمي على منطقة وزيرستان بأكملها.
ذلك لا يعني أنه لا وجود بين زعماء الصف الأول لمن يتمتع بالأهلية لخلافة الأمير، فبيت الله نفسه لم يكن معروفاً من قبل، ولا حتى منطقته كانت الساحة الأساسية للحرب على الإرهاب، إلا بعد خلافته لأمير تنظيم «القاعدة» في منطقة وزيرستان الجنوبية نيك محمد بعد مقتله بصاروخ أميركي.
كذلك فإن الأسماء التي جرى تداولها لخلافة الأمير تتمتع بصفات قيادية، وقد أثبتت جدارتها على أرض المعركة؛ فمن أُعلن تعيينه أميراً جديداً، حكيم محسود (28 عاماً)، معروف بشراسته القتالية في المعارك، وهو يقود القتال في منطقة أوركزاي الواقعة في منطقة خيبر كوروماند. وتمكّن من تحقيق إصابات بالغة في قوات التحالف في أفغانستان وقطع طرق الإمدادات عنها. ويُقال إن مهاراته القتالية تضاهي مهارات نيك محمد.
وبعد التقارير التي تحدثت عن صراع على خلافة أمير «طالبان» بين المتنافسين الأساسيين، حكيم الله وولي الرحمن، مساعد بيت الله وقريبه، وأن الرجلين قتل أحدهما الآخر، خرج ولي الرحمن بعد يومين وقال إنه وحكيم الله سالمان، وإنه لم ينعقد أي مجلس شورى لاختيار أمير جديد. ثم أكد بعدها أن بيت الله قُتل، وأن حكيم الله قد خلفه. وقيل إن زعماء «طالبان» أفغانستان تدخلوا لحل الخلافات بين نظرائهم الباكستانيين، وهو ما أكدته الاستخبارات الباكستانية التي أشارت إلى دور لـ«القاعدة» وطالبانيي أفغانستان للحيلولة دون نشوب صراع على السلطة، لكنّ الشكوك في شأن تسوية المسألة نهائياً لم تهدأ بعد.
ويرجّح المراقبون أن يكون خليفة بيت الله من قبيلة محسود، التي تسيطر على منطقة جنوب وزيرستان الجنوبية، وأنه لن يتربّع أمير من سوات (شأن مولانا فضل الله) أو دارا أدامخيل (طارق أفريدي) أو مومند (فقير محمد أو عبد الياس عمر خالد) على عرش «طالبان» باكستان.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن فقير محمد (38 عاماً)، أمير الحركة في منطقة باجور المحاذية لمقاطعة كونار الأفغانية، الذي ينتمي إلى قبيلة مومند، قد يكون له شأن في الحركة وأمل في الإمارة إن صحّ نبأ مقتل حكيم الله. وأول من أدخل فقير إلى العمل المسلّح كان الزعيم الروحي لحركة تطبيق الشريعة الإسلامية صوفي محمد، في 1993، واستطاع أن ينسج علاقات قوية مع الأفغان العرب وداخل محيطه القبلي. ورغم أن تعدّد الزوجات صفة ظاهرة في المجتمعات القبلية، فإن فقير ليس لديه سوى زوجة واحدة.
ويُعتقد بأن لفقير علاقة قوية مع أيمن الظواهري، وأن منزله في قرية شوبارتا كان المقرّ الشتوي للقاعدة، ولهذا هوجم في أيار 2005. لكنه ينفي وجود أي من قيادات القاعدة في المنطقة قائلاً «أيمن الظواهري لم يأت أبداً إلى هنا»، لكن «إن أراد فهو موضع ترحيب، وسيكون شرفاً كبيراً لنا أن نستضيفه». وتتحدث تقارير عن استضافته للظواهري في كانون الثاني 2006 في دامادولا، قبل قليل من توجيه ضربة صاروخية أميركية إلى المنطقة.