باريس ــ بسّام الطيارةلم يتردّد المتحدث الرسمي الجديد باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، في أول مؤتمر صحافي يعقده، في تحذير طهران من ضرورة أن «لا تخطئ»، أثناء تعقيبه على إعلان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، عن لقاء بين الدول الست وإيران في الأول من تشرين الأول.
لكن وبعكس سولانا، الذي شدد على أن الوقت «ليس مناسباً للحديث عن عقوبات»، أجاب فاليرو رداً على سؤال عن «توقعات باريس من هذا اللقاء» بأنها تنتظر «أن يخلق الشروط المؤاتية لبدء المفاوضات المتعلقة ببرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني». وحسب مصادر مقربة من الملف، فإن المفاوضين يحملون معهم «معادلة مبادلة التخصيب العسكري بتخصيب مدني»، أي إنها عروض لفتح أبواب تقنية التخصيب التي تبعد عن «إمكانية الاستعمال المزدوج».
وأعاد فاليرو استعمال لغة التشدد بقوله «على إيران أن تختار بسرعة»، وإن الخيار المطروح هو بين «التعاون أو العزلة»، مشيراً إلى أن «من البديهي أن العقوبات موجودة على الطاولة فيما لو وقع خطأ في الاختيار من قبل إيران».
وفيما يشير مراقبون في فرنسا إلى أن «أجواء العلاقات بين باريس وطهران باتت مشحونة بقدر من التوتر»، تؤكد مصادر متابعة للملفات «المتعددة» بين العاصمتين أن «شق الخلافات يتسع باستمرار» منذ تصريح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في ٢٧ آب ٢٠٠٧، حين وصف بـ«الكارثي» ما يمكن أن يقود له مسعى طهران للتقنية النووية. أمر زاد عليه وزير الخارجية برنار كوشنير بتهديده «بالحرب»، وصولاً إلى قرار باريس بناء قاعدة عسكرية في أبو ظبي، إضافة إلى مجمل الشوائب في ما يتعلق بالملف اللبناني والفلسطيني، حيث ترى باريس وراء كل منعطف فيها يد طهران.
وتراكمت الخلافات في أفق العلاقات، بعضها ظاهر وبعضها وراء الكواليس. ويرى البعض أن ملف الباحثة الفرنسية في طهران، كلوتيلد رييس، التي تصفها الدوائر الفرنسية بـ«الرهينة»، جاء على خلفية لوحة الخلافات التي تخطّها علاقات باريس بطهران منذ عقدين. وبالطبع فإن «أطرافاً عديدة» تحاول تذكية الخلافات بين العاصمتين.
ويذكر الجميع التهديدات الإسرائيلية العلنية والمبطنة بضرب إيران إذا لم يجد الغرب حلاً لمسعاها النووي.
في غضون ذلك، أشارت مصادر مطلعة إلى أن من المتوقع أن يشهد مسار العلاقات محطة توتر جديدة، بعدما أوقفت السلطات الفرنسية منذ ستة أشهر المهندس الإيراني ماجد كاكافاند، الذي وصل إلى أراضيها آتياً من موسكو، في زيارة سياحية برفقة زوجته، وذلك تنفيذاً لمذكرة اعتقال أصدرتها واشنطن بحقه.
ولا تجزم المصادر بأن «قضية كلوتيلد أتت رداً على قضية ماجد»، إلا أن بعض الدبلوماسيين يؤكدون أن لعبة «القط والفأر» قائمة بين باريس وطهران منذ فترة طويلة، وأن السلطات الفرنسية محرجة اليوم في قضية كاكافاند بسبب مطالبة واشنطن بتسليمها الموقوف بتهمة «كسر الحصار المفروض على إيران». ومن المنتظر أن يصدر قريباً حكم بقبول تسليمه أو رفضه.
وتنتظر جهات عديدة هذا الحكم لأنه لا يعني زيادة حجم التوتر فقط بين العاصمتين وإمكان أن ينعكس على مصير رييس الموجودة في السفارة الفرنسية في طهران، بل لأنه كما تقول محامية المهندس الإيراني، ماري لور بونالدي، سيدل على ما إن كانت القوانين الأميركية نافذة على الأراضي الفرنسية. وتذكر زميلة بونالدي، ديان فرانسوا، لصحيفة «الفيغارو»، بأن «كاكافاند لم يدس الأرض الأميركية»، وأن جل ما فعله هو «استيراد قطع كهربائية عبر الإنترنت»، مذكرة بأن «فرنسا والاتحاد الأوروبي لم يفرضا هذه العقوبات على إيران» حتى الآن.