ربع الكائنات مهددة بالإنقراض بارتفاع الحرارة درجتين نيويورك ــ نزار عبود
تحتل الطبيعة اهتماماً خاصاً في الدورة الرابعة والستين من الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تبدأ جلساتها بحضور 90 زعيماً من مختلف أنحاء العالم اليوم في نيويورك، حيث ستعقد قمة المناخ الذي بات من أبرز التهديدات التي تواجه البشرية إلى جانب أزمات الاقتصاد والأمن والغذاء.
وتشير الدراسات الأممية إلى أن سبعة أعشار الكوارث الطبيعية التي تجري حالياً إنما تعود إلى تبدّل المناخ. وتتوقع أن يعاني في عام 2020 ربع مليار أفريقي من العطش، بينما تتضاعف أزمة المياه المستشرية في الشرق الأوسط وتنذر بوقوع حروب مياه شرسة. ومع ندرة المياه، من المتوقع أن ينخفض الإنتاج الزراعي إلى نصف ما هو عليه حالياً خلال الفترة نفسها، ولا سيما في القارة السوداء حيث بدأت تتفاقم أزمة المجاعة.
وكانت الدول الصناعية تتحاشى الربط بين تقلب الأحوال الجوية وسخونة الجو. لكن التقرير الذي أعدته لجنة مكلفة من حكومات عديدة، حسم الجدل وأكد مسؤولية البشر في التغيّر الذي جعل الكوكب يسخن، ومعه يذوب الجليد وتجف الينابيع والأنهار ويرتفع مستوى البحار.
وقال التقرير إن سخونة غلاف الأرض الجوي باتت مؤكدة، وهي ناجمة عن الاستهلاك الإنساني المفرط للطاقة وتراكم الغازات الكربونية، ما أدى إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. وارتفع انتشار غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو بنسبة 70 في المئة عمّا كان عليه في منتصف القرن الماضي. وإذا ما تواصل إنتاج الغازات من النشاطات الصناعية والاستهلاكية المختلفة بالمعدل الحالي، فإن التوقعات تشير إلى أن حرارة المناخ سترتفع بين درجتين وأربع درجات مئوية في وقت غير بعيد.
لذا، حثّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون زعماء العالم على الخروج بإطار جديد يحل محل اتفاقية كيوتو التي ينتهي مفعولها في عام 2012. وقال بان، بعد جولة عالمية حملته إلى القطب الشمالي: «إنني مقتنع بأن القمة ستؤدي دوراً ناجحاً في تقريب وجهات النظر تمهيداً لمفاوضات كوبنهاغن في كانون الأول المقبل. علينا إبرام صفقة مناخ عالمية شاملة عادلة ومتوازنة. إنه واجبنا الأخلاقي والسياسي».
وزار الأمين العام أرخبيل سفالبارد القطبي في النروج، مخزن الحبوب العالمي. وفيه يُحفَظ مليونان من عينات الحبوب المختلفة التي جُمعت من شتى أرجاء الكرة الأرضية تحت درجة حرارة تصل إلى 50 مئوية تحت الصفر. أما أسباب حفظ أنواع الحبوب، فتعود إلى القلق على أنواع كثيرة منها من الانقراض لأسباب عديدة، أهمها التغير المناخي. ويخشى العلماء اختفاء ربع الكائنات النباتية والحيوانية إذا ما ارتفعت حرارة الجو بمعدل لا يتجاوز درجة ونصف درجة إلى درجتين مئويتين.
وقال مدير أبحاث المعهد القطبي النروجي، كيم هولمان، إنه «لم يعد ممكناً الاتكال على أن الأمور قد تسير نحو الأفضل بخصوص المناخ. فالقضايا باتت واضحة وأفضل ما يمكن أن يفعله الإنسان هو الحد من الانزلاق نحو المجهول». لذا يعمل العلماء لإقناع الزعماء ببناء دفاعات مناخية استباقية في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء. ورأت لجنة المناخ المنبثقة من حكومات عديدة أنه حتى بعد تطبيق أشد القيود على إنتاج غازات الكربون، من المستبعد أن تزيد فرصة الحد من ارتفاع حرارة الجو بنسبة درجتين مئويتين عن الخمسين في المئة.
ويؤكد الخبراء أنه لتحقيق ذلك الهدف التلطيفي المتواضع، لا بد من تظافر جهود العالم ككل، بما في ذلك التشدد في تطبيق سياسة حماية المناخ الراهنة في حدّ أدنى. وتقوم السياسة الحالية على محاصصة في نسبة إنتاج غاز الكربون إلى حد أن الدول الغنية تشتري حصصاً من الدول الفقيرة الأقل استهلاكاً للطاقة.
وفي الوقت نفسه، تدعو اللجنة إلى تطبيق إجراءات عديدة لحماية مجتمعات فقيرة شديدة التعرض للغرق جراء ارتفاع مستو مياه البحار مثل الجزر المنخفضة في جنوب شرق آسيا، بما في ذلك سواحل الصين. ورأت أنه لا بد للزعماء المجتمعين في نيويورك من وضع خطة طوارئ لمعالجة أوضاعهم.
ويتوقع في قمة المناخ المنعقدة اليوم، أن تطالب الدول النامية العالم الصناعي بتحمل مسؤولية التلوث الذي تراكم على مدى عشرات السنين، وعلى إساءة استغلال الثروات الطبيعية. كذلك تشير بعض المصادر إلى أن الدول النامية ستطالب بتقديم مساعدات وتعويضات للأمم الفقيرة المتضررة من ممارسات الدول الغنية، بحيث تتمكن من التكيف مع تآكل مواردها الطبيعية وتفشي الفقر لديها إضافة إلى تمكينها من تحمّل العبء المادي المترتب على معالجة أوضاع البيئة، بالإضافة إلى مساعدتها في إدخال تقنيات حديثة في صناعتها لخفض انبعاث الغازات.
وستستمع قمة المناخ، التي تعقد في جلسة واحدة، إلى شهادتين من عالمين كبيرين هما دجيمون غاستون هونسو، الحائز عدة شهادات أكاديمية عالية، ووانغراي ماثاي، الحائز جائزة نوبل للبيئة. وسيتحدث أيضاً بان كي مون وعدد من رؤساء الدول الأكثر تأثيراً على مناخ العالم، ولا سيما الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي جاء إلى الحكم بتعهدات بالدفاع عن الطبيعة.
وعقب الخطب العامة، سينتقل الزعماء إلى عقد لقاءات على شكل مجموعات صغيرة بهدف تقريب وجهات النظر بشأن المسائل الخلافية وتسهيل التوصل إلى معاهدة كوبنهاغن. أبرز الخلافات ستكون على الأرجح على دفاع دول كبرى كالولايات المتحدة عن استهلاكها الشديد للطاقة، حيث يصل استهلاك 300 مليون أميركي إلى نحو 25 في المئة من مجموع استهلاك سكان الأرض الذي يقارب 7 مليارات نسمة.


برنامج الجمعية العامةالأربعاء: افتتاح المناقشة العامة في إطار الدورة الرابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بخطاب للأمين العام بان كي مون. تلي خطاب بان كلمات للرئيسين البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والأميركي باراك أوباما ثم الزعيم الليبي معمر القذافي والرؤساء الفرنسي نيكولا ساركوزي والروسي ديمتري مدفيديف والإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون. هذه المناقشة ستستمر حتى 28 أيلول.
ويتخلل هذا النهار أيضاً عشاء عمل لوزراء خارجية مجموعة الثماني.
الخميس: باراك أوباما يترأس قمة مجلس الأمن الدولي عن حظر الانتشار النووي وإزالة الأسلحة النووية.
الجمعة 25 أيلول: مؤتمر عن تسهيل دخول معاهدة حظر التجارب النووية حيّز التنفيذ.
(أ ف ب)