قواعد أميركية في كولومبيا، أو تسهيلات للقوات الأميركية في قواعد كولومبية؟ سؤال استراتيجي «يهدّد» الأمن الفنزويلي و«يزعج» دور البرازيل الإقليمي الصاعد
بول الأشقر
توصّلت كولومبيا والولايات المتحدة، يوم الجمعة الماضي، إلى اتفاق يسمح للقوات الكولومبية باستخدام سبع قواعد أميركية في كولومبيا في السنوات العشر المقبلة. وسيُعرَض الاتفاق للتدقيق من قبل المؤسسات الدستورية في البلدين في مهلة أسبوعين قبل توقيعه رسمياً.
ويثير موضوع هذه القواعد توتراً كبيراً بين كولومبيا وجيرانها ـــــ وخصوصاً فنزويلا والإكوادور ـــــ وانزعاجاً مستجداً لدى معظم دول أميركا الجنوبية ـــــ وخصوصاً البرازيل التي رأت فيه اتجاهاً يتناقض مع دورها كقوة صاعدة في المنطقة، إضافة إلى أنه سيكون عنواناً لقمة طارئة يعقدها رؤساء دول أميركا الجنوبية في 28 آب الجاري.
إنّ اتفاق «القواعد السبع» من الوجهة الأميركية، هو البديل عن قاعدة «مانتا» العسكرية في الإكوادور، وهي التي أقفلت قبل شهر. وكان المشروع الأصلي يقضي بنقل هذه القاعدة إلى صحراء التشاكو في الباراغواي، قبل أن يتعطّل المشروع بانتخاب فرناندو لوغو رئيساً للبلاد. ثم البحث بنقلها إلى المنطقة الأمازونية في البيرو، قبل أن يتم التخلي عن الفكرة، التي تحولت إلى عنصر توتر داخلي في دولة «حليفة». وأخيراً، لم يبقَ من خيار إلا العودة إلى كولومبيا التي يجمعها تعاون عسكري «عريق» أصلاً مع واشنطن، من خلال «خطة كولومبيا لمكافحة المخدرات» التي أُقرَّت في عام 1999، والتي تحوّلت إلى «أداة لمكافحة المخدرات والإرهاب» بعد هجمات 11 أيلول 2001. وكانت الولايات المتحدة ترغب في استبدال «مانتا» بقاعدة «بلانكيرو» في ولاية كوديناماركا ـــــ «الاستراتيجية» في خطط البنتاغون بما أنها تتيح تغطية المحيط الهادئ ورصد الطائرات الصغيرة والزوارق البحرية السريعة وحتى الغواصات.
وبعكس قاعدة «مانتا الأميركية»، تبقى هذه القواعد الست «كولومبية». ومن بين النقاط التي كانت عالقة في الاتفاقية الأميركية ـــــ الكولومبية، المدى المسموح للعمليات التي تنطلق منها، وإمرتها وحصانة الجنود المرابطين فيها والبالغ عددهم 800 والمتعاقدين الـ600 الأميركيّين.
وبالتأكيد، تبقى المصلحتان الفنزويلية والإكوادورية من جهة، والكولومبية من ناحية أخرى، متناقضة، لكون كراكاس وكيتو تبدوان «ضحيتين» لمساعي الرئيس ألفارو أوريبي من أجل «سيادة كولومبيا ونموّها». وتجد فنزويلا نفسها في مرمى التسديد «بسبب النفط، لا الإيديولوجيا» و«مستعدّة للرد»، على حد تعبير الرئيس هوغو تشافيز، الذي لا يزال يجد في كولومبيا ـــــ أوريبي وقواعده الأميركية، «رأس حربة الوجود العسكري الإمبريالي».
كذلك لا تناسب هذه القواعد الأميركية، المقاربة البرازيلية التي راهنت على تقليص الوجود الأميركي في المنطقة بعد إقفال «مانتا»، إذ كانت برازيليا تراهن على تأسيس نظام إقليمي دفاعي تكون منظمة «الأوناسور» عماده.