strong>بول الأشقرعاشت هندوراس أول من أمس، أرضاً وجواً، أطول وأهم يوم منذ الانقلاب الذي أقال الرئيس المنتخب مانويل زيلايا قبل عشرة أيام. لم ينجح زيلايا في العودة إلى وطنه، لكنّه سجل نقاطاً في الصراع الدائر بينه وبين حكومة الأمر الواقع. فغداة ليلة امتدت فيها المفاوضات حتى ساعات الفجر الأولى، أقلعت طائرتان من واشنطن، واحدة فنزويلية وعلى متنها زيلايا ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ميغيل ديسكوتو ومتوجهة إلى هندوراس، وأخرى رسمية أرجنتينية تحمل الأمين العام للمنظمة الشيلي خوسي ميغيل إنسولزا ورؤساء الأرجنتين والإكوادور والباراغواي وهي ذاهبة إلى السلفادور.
وبعدما دخلت طائرة الرئيس زيلايا المجال الجوي الهوندوري، بدأت مبارزة بين الرئيس المخلوع وحكومة الأمر الواقع لاستقطاب اهتمام الإعلام الدولي المتابع للسيناريو المثير ولكسب الرأي العام الداخلي.
ففيما كانت الطائرة تدور في الجو بانتظار أمر هبوط لن يأتي، خاطب زيلايا شعبه الذي تجمّع في منطقة المطار بعشرات الآلاف من المواطنين، ما شكّل أكبر تظاهرة شعبية منذ وقوع الانقلاب. وقد أتى الكثير منهم من المناطق، متخطّين حواجز الجيش التي حاصرت العاصمة ومنطقة المطار لمنع وصولهم. ووعدهم زيلايا بالعودة للوقوف إلى جانبهم، متحدثاً عن ضرورة «معالجة كل الخلافات بالحوار»، طالباً من قوى الجيش عدم قمع إخوتهم، بعد وقوع مواجهات خلّفت قتيلين بين المتظاهرين، ليعود و«يأمرهم» بفتح المطار.
على الطرف المقابل، أعلن الطيران المدني أنه لن يسمح للطائرة بالهبوط على جميع مطارات البلد، ونشر الجيش عناصر وشاحنات على طول مدرج مطار العاصمة، فيما كان يعقد روبرتو ميتشيليتي، الذي عيّن خلفاً لزيلايا، مؤتمراً صحافياً محاطاً بحكومته، مقترحاً «حوار حسن نية» مع وفد من منظمة الدول الأميركية، مهوّلاً بتحركات مفترضة لجيش نيكاراغوا على الحدود ـــــ ما لبث أن تراجع عنها في ما بعد ـــــ ومحاولاً توريط الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في كل ما يحدث لشدّ العصب الداخلي.
وبعد انتفاء الغاية لدى الطرفين، توجهت الطائرة إلى نيكاراغوا والتقى زيلايا الرئيس دانيال أورتيغا، الذي نفى بشدة اتهامات الانقلابيين. ومن هناك إلى سان سلفادور، حيث انتظر إنسولزا وزملاؤه الرؤساء زيلايا لعقد مؤتمر صحافي مشترك بضيافة رئيس السلفادور موريسيو فونيس، تابع فيه زيلايا حواره مع أنصاره والجيش الذي «استجداه وأمره بعدم قمع الشعب». وكان من المرجح أن يعود زيلايا أمس إلى واشنطن لتحديد خطواته اللاحقة.
في حصيلة اليوم الطويل، نجح زيلايا في تجنيد أنصاره وفي شرح قضيته للعالم. يحتاج الآن إلى لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما. أما عودته بسبب عزلته في المؤسسات، فتتطلب أن يتحول بنفسه في الأشهر الستة الأخيرة من ولايته إلى «رئيس انتقالي». أما الرئيس الانتقالي ميتشيليتي فلم تتحسن صورته بعد يوم «عسكري» بامتياز. ائتلاف المؤسسات متماسك حول شعار «عودة زيلايا غير واردة». ميتشيليتي حائر بين رؤوس ساخنة ومتخوّفين من الإجماع العالمي: اقتراح تعجيل موعد الانتخابات قد يعود ويقوى الآن.