توافق على سعر عادل للنفط ونقاش لمعيار درجة حرارة الأرض وواشنطن ترى قوانينها الأسمىافتتح زعماء الدول الصناعية الثماني الكبرى قمتهم في مدينة لاكويلا الإيطالية لمناقشة قضايا أساسية من الأزمة الاقتصادية والنفط والاحتباس الحراري إلى قضايا دولية شائكة أخرى كالانتشار النووي وأزمتي كوريا الشمالية وإيران

في اليوم الأول من اجتماع زعماء مجموعة الدول الثماني الصناعية في مدينة لاكويلا الإيطالية، الذي يختتم غداً الجمعة، صدر إعلان مشترك شدّد على وجود إشارات إيجابية إلى تعافي الاقتصاد العالمي، لكن من دون أن يغفل تأكيد وجود «مخاطر كبيرة ما زالت محدقة به»، ولا يزال موضوع الاحتباس الحراري قيد المناقشة، التي ستنضم إليها اليوم مجموعة الـ 17، وتظهر إشارات إلى أن واشنطن قد تقف عقبة.
وقال القادة، في إعلانهم المشترك، إنه «في الوقت الذي توجد فيه إشارات إلى الاستقرار، ولا سيما نهوض أسواق البورصة، فإن الوضع لا يزال غامضاً وهناك مخاطر كبيرة لا تزال محدقة بالاستقرار الاقتصادي والمالي». وحذروا من أن «تداعيات الأزمة الاقتصادية على أسواق العمل قد تهدد الاستقرار الاجتماعي».
وأقرّ زعماء الدول الصناعية بضرورة إعداد «استراتيجيات للخروج من خطط الدعم»، في ظل جهود الإنعاش الاقتصادي التي تواصلها حكوماتهم، بعدما أدت هذه الخطط إلى ارتفاع هائل في المديونات العامة. وقد تعهد القادة ضمان «موازنات قابلة للتطبيق على المدى المتوسط».
وحذّر البيان من أن الدول الصناعية لم تعد «قادرة على الاستمرار في التهاون مع بقاء رؤوس أموال ضخمة مخبأة ومهربة من الضريبة». كذلك أكد وجوب «مناقشة وإقرار مجموعة من الإجراءات المضادة الفعالة التي يمكن أن تستخدم ضد الدول التي لا تحترم المعايير الدولية المتعلقة بالشفافية الضريبية».
وتطرق الإعلان المشترك إلى مسألة الوقود الأحفوري، فدعا القادة الدول المنتجة والمستهلكة للنفط إلى «تحسين الشفافية وتعزيز الحوار في ما بينها للحدّ من التقلبات المفرطة في الأسواق» التي قد تهدد جهود النهوض.
وذكرت متحدثة باسم الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، أن قادة دول الثماني توافقوا على أن سعراً عادلاً لبرميل النفط ينبغي أن يراوح بين 70 و80 دولاراً.
كذلك يسعى زعماء مجموعة الدول الصناعية الثماني إلى التوصل لالتزام يهدف إلى الحفاظ على درجة حرارة الأرض ومنعها من الارتفاع درجتين مئويتين لاحتواء ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن عتبة الدرجتين، التي تبناها الاتحاد الأوروبي وبعض الدول النامية، لا تعني أن مشكلة الاحتباس الحراري ستُحَلّ، بل ستخفف من المخاطر، بحسب الخبراء. وحتى إن ارتفاعاً طفيفاً بمعدل الحرارة سيحدث هلاكاً واسعاً على المزارعين في كل أرجاء العالم. وقال رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروزو، إنه يريد من مجموعة الثماني أن «توافق أولاً على معيار لدرجة الحرارة يتمثل في درجتين مئويتين».
والمناقشات الجارية في لاكويلا حول الاحتباس الحراري تأتي قبل قمة مرتقبة في كوبنهاغن ـــــ الدانمارك، حيث من المرتقب أن تتوصل الأمم المتحدة إلى ميثاق عالمي جديد بشأن المناخ. وقد أخبر وزير البيئة الألماني، سيغمار غابرييل، إذاعة «أيه أر دي» أن برلين «تقبل حد الدرجتين». كذلك ذكر مسؤول فرنسي في وفد الرئيس نيكولا ساركوزي أن زعماء مجموعة الثماني قد أقروا التزاماً سابقاً لخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون 50 في المئة بحلول عام 2050، في إشارة إلى القمة التي جرت في اليابان العام الماضي، لكن بيانها في حينه لم يذكر العام الذي ينبغي الانطلاق منه في مقياس لخفض الانبعاث؛ فالخبراء يريدونه عام 1990، فيما تريده اليابان والولايات المتحدة عام 2005.
وفي موقف سلبي قد يقلل من وقع ما يمكن أن تتوصل إليه المجموعة في هذا الشأن، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، أن مصير النص القانوني الجاري نقاشه في الولايات المتحدة لمكافحة ارتفاع حرارة الأرض أكثر أهمية من مباحثات قمة مجموعة الثماني في إيطاليا. ورأى أن ما يمثّل نجاحاً بالنسبة إلى إدارة باراك أوباما في مسألة الاحتباس الحراري «هو أن يتبنى الكونغرس نصاً يمكن تقديمه إلى الرئيس، ويعتمد نظاماً لخفض انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض». وأضاف: «هذا سيكون مقياساً حقيقياً». وأشار إلى أن الأميركيين يتوجهون بالطبع إلى قمة الثماني لمناقشة أهمية التغيير المناخي، لكن «أود القول إن إسهامنا الكبير يتمثل في التدابير المتخذة في مجلس النواب التي تحدد إلى أين وصلنا». وأعرب عن اعتقاده أن «من المهم أن نفهم أننا لن نحقق أي تقدم على المستوى الدولي ما دام لم يتحرك كل منا بمفرده».
وفي الملف الإيراني والكوري الشمالي، قال الرئيس الأميركي، في أعقاب لقائه مع نظيره الإيطالي جورجو نابوليتانو، إنه متفق مع الأخير في الرأي على «أهمية الحديث» مع بلدان كإيران وكوريا الشمالية.
كذلك صدر بشأن إيران تصريح على هامش القمة لوزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، الذي ترأس بلاده مجموعة الثماني، أكد فيه أن «شروط إدانة إيران في القمة غير متوافرة حتى الساعة». وقال: «بشأن إيران، سنجد التعبير اللازم. ما يهم هو أن المجتمع الدولي لا يتسامح مع أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان».
وسينضم إلى مجموعة الثماني، منتدى الاقتصاديات الأساسية التي تتألف من 17 عضواً من ضمنها الصين، وأكبر ملوث في العالم الولايات المتحدة، وأيضاً الهند، إضافة إلى المكسيك والبرازيل وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وأوستراليا وكوريا الشمالية والاتحاد الأوروبي.
وقد دعا الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي يشارك اليوم وغداً في أعمال القمة، إلى توسيع مجموعة الثماني لتشمل عدداً أكبر من الدول. وقال: «لا يتعين عليّ أنا تحديد كيفية عمل مجموعة الثماني لكن مجموعة البلدان فيها ينبغي أن تكون أكبر».
(يو بي آي، ا ف ب، رويترز، أ ب)