واشنطن ــ محمد سعيدهلّلت الإدارة الأميركية لإنجازات الحملة العسكرية التي يشنها الجيش الباكستاني في وادي سوات، وقالت مصادر عسكرية واستخبارية إن الهجمات الصاروخية والعمليات العسكرية «هزّت تنظيم القاعدة وقوّضت من قدراته في المنطقة الجبلية في باكستان»، فيما تنكب الاستخبارات الأميركية على تجنيد زعماء القبائل في المنطقة الشمالية الغربية وتزويدهم بما يلزم من أجهزة إلكترونية لملاحقة زعماء «القاعدة».
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إن «العمليات الأميركية والباكستانية خلقت فرصاً جديدة لاستهداف المتشددين، وأوجدت شعوراً بالتفاؤل في ظل صورة قاتمة بصفة عامة للوضع فى أفغانستان وباكستان». وأكدت المصادر نفسها أن تنظيم «القاعدة» يظل تهديداً جاداً وحيوياً للولايات المتحدة، إلا أنه عانى من خسائر حقيقية جعلته يشعر بالتوتر في الوقت الراهن، نظراً لكون الهجوم الذي تشنه القوات الباكستانية على حلفاء «القاعدة» من حركة «طالبان» يمثّل معضلة للتنظيم.
وأوضحت الصحيفة أن الأجهزة الأميركية تأمل أن تؤدي الضغوط الراهنة على «طالبان» و«القاعدة» إلى تخلي عناصر الأخيرة عن حذرها، فتجري اتصالات للتعرف إلى طبيعة الوضع في باكستان، على نحو قد يمنح الاستخبارات فرصة لتعقب هذه الاتصالات وجمع المزيد من المعلومات عن مخابئ «القاعدة» وعملياتها.
ونقلت عن مسوؤل عسكري قوله إن «الهجوم على التنظيمين في وادي سوات يمثّل مأزقاً للقاعدة التي ستضطر إلى التحرك وإجراء اتصالات أكثر انفتاحاً من خلال الهواتف الخلوية والحواسيب، ولو لمجرد جمع المعلومات عن الوضع في المنطقة، وبالتالي سيصبحون مرئيين بوضوح أكبر». وأضاف أنه «لم يتضح ما إذا كانت الاستخبارات الأميركية والقوات البرية الباكستانية يمكنها الاستفادة من مثل هذه الفرص قبل تبددها». وحسب مسؤولين أميركيين وباكستانيين، فإن فرص اعتراض اتصالات «القاعدة» أو الاستفادة من حركة الأشخاص تتلاشى سريعاً.
وتقول واشنطن إن عملياتها منذ الخريف الماضي قد أدت إلى القضاء على ما يزيد على 10 أشخاص مسجلين في قائمة تتضمن أكثر من 20 مطلوباً من القيادات المهمة في تنظيم «القاعدة» والجماعات المتشددة الأخرى على طول الحدود بين باكستان وأفغانستان، وذلك بالرغم من أن هذه الهجمات قد أدت إلى سقوط قتلى في صفوف المدنيين على نحو أشعل التوجهات المعادية للولايات المتحدة في باكستان.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن فرق القوات الخاصة الأميركية في حالة تأهب مستمر على الجانب الأفغاني من الحدود مع باكستان، إلا أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تسمح بأي عمليات ميدانية داخل الأراضي الباكستانية في ظل حالة انقسام في صفوف قيادات الجيش الأميركي حيال أهمية هذه العمليات الأرضية داخل باكستان وجدواها.
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال دايفيد بترايوس قد ذكر في تقويم سرّي في 27 أيار الماضي أن الحاجة إلى بناء الثقة وشراكة ذات منفعة متبادلة بين الولايات المتحدة وباكستان أمر ضاغط، وأن القدرة على فعل ذلك تقابل بتحديات الأحداث الراهنة.
وأكد بترايوس تنامي الشعور المناهض للولايات المتحدة في باكستان، ولا سيما في ما يتعلق بالهجمات والغارات التي تشنها طائرات التجسس الأميركية عبر الحدود، التي يرى الباكستانيون أنها تسبب سقوط ضحايا مدنيين بما هو غير مقبول. وقال في التقويم إن «نحو 35 في المئة من الباكستانيين يعارضون التعاون بين الولايات المتحدة وباكستان في مجال مكافحة الإرهاب، ولو نُسِّقت مع الحكومة والجيش الباكستانيين مسبقاً».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» زودت رجال القبائل في باكستان أجهزة إرسال إلكترونية لمساعدتها في استهداف زعماء تنظيم «القاعدة» في مناطق القبائل الواقعة شمال غرب باكستان وتصفيتهم. وقالت إن هذا التكتيك الحربي يمكن أن يساعد الجيش الباكستاني في المعركة التي يخوضها في وادي سوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفضل في مقتل عشرة من زعماء «القاعدة» يعود إلى الأجهزة الإلكترونية الغامضة، التي تحوّلت إلى مصدر للخوف والتآمر والتشويق في مناطق القبائل الباكستانية. وتدفع وكالة الاستخبارات، بحسب روايات السكان المحليين، أموالاً لرجال القبائل لزرعها بالقرب من بيوت المزارع التي تؤوي قادة القاعدة وطالبان.
وأوضحت أن الجهاز الإلكتروني يرشد بعد ساعات أو أيام من زرعه في المكان المطلوب الطائرات من دون طيار إلى الهدف لتدميره بوابل من الصواريخ. وقالت إن هذه الطائرات أثبتت جدارتها في كونها سلاحاً فعّالاً لدى القوات الأميركية، مع أنها لم تفعل سوى القليل لمنع مقاتلي «القاعدة» و«طالبان» من مهاجمة أهداف داخل باكستان.