Strong>من الواضح أن الاستحقاق الرئاسي الإيراني يحبس الأنفاس، ليس في إيران فقط بل في المنطقة والعالم، لما يعوّل عليه في هذه الانتخابات من تغيير مفترض، أقلّه في سياسة الانفتاح التي ستتّبعها طهران في ظل رئيسها المقبليدلي الناخبون الإيرانيون بأصواتهم اليوم في عاشر انتخابات رئاسية منذ ثورة عام 1979. وتعدّ انتخابات اليوم اختباراً لشعبية الرئيس محمود أحمدي نجاد في مواجهة منافسين ينتقدون موقفه بشأن القضية النووية وإدارته للاقتصاد. ويتوجّه نحو 46 مليون ناخب من أصل 71 مليوناً يكوّنون سكان الجمهورية الإسلامية الغنية بمصادر الطاقة، إلى صناديق الاقتراع، لحسم من سيكون رئيسهم المقبل، فيما يتنافس أربعة مرشّحين فقط على هذا المنصب، هم الرئيس المحافظ نجاد ورئيس الحكومة الأسبق الإصلاحي مير حسين موسوي، ورئيس البرلمان السابق الإصلاحي مهدي كروبي والقائد الأسبق للحرس الثوري المحافظ محسن رضائي.
وأعلن رئيس لجنة الانتخابات في إيران، كامران دانشجو، أن جميع التمهيدات اللازمة متوافرة لإجراء الدورة العاشرة للانتخابات الرئاسية «بكل نشاط وحماسة». وذكرت وكالة «ارنا» أن دانشجو وجّه في مؤتمر صحافي أمس، الشكر إلى أنصار المرشحين ولجانهم الانتخابية، كما شكر التعاون الجيد للجان الحملات الانتخابية للمرشحين مع لجنة الانتخابات في البلاد، وکذلك قوى الأمن الداخلي «التي أدارت الأمور بكل صبر وأناة وحكمة».
وأشار دانشجو إلى أن بعض الأنشطة لم تتطابق مع القانون، مضيفاً إن «سياسة لجنة الانتخابات وقوى الأمن الداخلي هي الإدارة، ونحن كنا نرى أن مسألة النشاط والمنافسة مسألة ضرورية».
وقال دانشجو إن قوى الأمن الداخلي «حذّرت من أن الأجواء خلال فترة عملية الاقتراع وقبلها بيوم واحد يجب أن تختلف عن أجواء الدعاية الانتخابية، لأنه في ظل أجواء الدعاية الانتخابية قد تحصل بعض الأمور التي يمكن التغاضي عنها، والسبب في ذلك هو النشاط والحماسة اللذين يجب أن يكونا متوافرين».
في هذه الأثناء، دعت قوات التعبئة في إيران (الباسيج)، الشعب الإيراني ليشارك في الانتخابات بحماسة وبشكل واسع، معتبرة أن الإيرانيين سينتخبون من «يصمد أمام غطرسة الاستكبار».
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) أن «الباسيج» طالبت في بيان لها الشعب الإيراني «الباسل» بالحضور والمشاركة «الحماسية والواسعة في انتخابات رئاسة الجمهورية لإدخال اليأس إلى قلوب أعداء الإسلام». وقالت «الباسيج» إن «الشعب الإيراني سينتخب من يصمد أمام غطرسة الاستكبار ويدافع دوماً عن مصالح الشعب الإيراني في العالم».
وأفاد البيان أن «أبناء الشعب المؤمن في إيران الإسلامية، وكالانتخابات السابقة في البلاد، سيسجّلون بحضورهم الناشط عند صناديق الاقتراع، ومشاركتهم في الانتخابات جهداً آخر للوصول إلى الهدف الكبير، ألا وهو عزّة الإسلام واقتداره». وأشار إلى «هجمة الأعداء ضد نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وكان مجلس صيانة الدستور، المكلّف دراسة شروط الترشيح لهذه الانتخابات ومدى مطابقة صفات المرشّح لشروط الثورة الإسلامية مثل الالتزام الديني والولاء لولاية الفقيه، قد اختار موسوي ونجاد وكروبي ورضائي، من بين 475 مرشّحاً، بينهم 21 امرأة وطفل واحد.
وعمد منافسو نجاد، خلال مناظرات أجراها التلفزيون الرسمي بين المرشحين على مدى ثلاثة أسابيع، إلى انتقاد سياسته الاقتصادية والخارجية، واتهموه بالتسبّب بعزلة إيران، من خلال إنكاره محارق النازية، وإلقاء خطب نارية مناهضة للغرب. وبدت العلاقة مع الولايات المتحدة، موضوع مزايدة بين المرشّحين المنافسين لنجاد، الذين أكدوا جميعهم نيتهم الانفتاح على واشنطن، فيما يرى الرئيس الحالي أن سياسة أميركا في ظل الرئيس باراك أوباما، لم تشهد تغييراً يبعث على التفاؤل بتعزيز العلاقات المقطوعة منذ عام 1980.
ولم يطرح المرشحون الكثير من الأفكار المفصّلة عن كيفية تحسين الاقتصاد في إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم. وقد وعدوا بإعادة توزيع الثروة النفطية لا إعادة هيكلة الاقتصاد.
كذلك وعد المرشحون الإصلاحيون بدعم حرية التعبير وتحسين مشاركة المرأة في الحكم واتخاذ القرار في إيران.
وتقول ناشطات في مجال حقوق المرأة إن الوعود التي قطعها منافسو نجاد في الانتخابات، تعطي أملاً جديداً لمساعيهن لإنهاء ما يصفنه بالتمييز المؤسسي ضد النساء في إيران.
وتقول سوسن طهماسبي، الناشطة الحقوقية، «أياً كان من سيتولّى الحكم، فإن عليه الاستجابة لمطالب حركات حقوق المرأة. لم نعد غير مرئيات». ويقول نشطاء إن «النساء في إيران عرضة للتمييز الذي يجعل منهن مواطنات من الدرجة الثانية في مسائل الطلاق والميراث وحضانة الأطفال والأمور القانونية وجوانب الحياة الأخرى».
وفي سابقة جديدة على السياسة الإيرانية كانت زهرة رهنورد، زوجة المرشّح الإصلاحي موسوي، تشارك في الدعاية الانتخابية لزوجها بنشاط، بل إن الزوجين يظهران متشابكي الأيدي خلال المؤتمرات الانتخابية، وهو سلوك علني من النادر أن يصدر عن الساسة في الدولة المحافظة اجتماعياً. وقد تساعد رهنورد، وهي فنانة وأكاديمية بارزة، زوجها المهندس المعماري والرسام على استقطاب الناخبات، فيما برزت أيضاً زوجة الشيخ كروبي في مقابلات صحافية دعت خلالها إلى تعزيز دور المرأة.
وفي إطار التحضير للانتخابات، أعلنت السفارة الإيرانية في العراق تخصيص 13 صندوق اقتراع لمشاركة الإيرانيين في التصويت لانتخاب رئيس لهم. وجاء في بيان للسفارة: «إن انتخابات الرئاسة الإيرانية ستجرى الجمعة، وقد جرى تخصيص صناديق اقتراع ليتمكّن الإيرانيون المقيمون في العراق أو الزائرون، من الإدلاء بأصواتهم، وانتخاب أحد المرشحين الأربعة وهم: محمود أحمدي نجاد، ومير حسين موسوي، ومحسن رضائي، إضافةً إلى مهدي كروبي».
وذكرت السفارة أنها خصصت «صناديق ثابتة» للاقتراع في كل من بغداد والنجف وكربلاء واربيل والسليمانية وسامراء والبصرة وميسان وديالى والكوت، إضافةً إلى خمسة صناديق اقتراع متنقّلة.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)