من الطبيعي أن يكون الموقف الدولي تجاه فوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية، منقسماً، في تماهٍ واضح مع الواقع الإيراني نفسه الذي يشهد اعتراضات حادة وتحرّكات في الشارع على هذه النتيجة
واشنطن ــ محمد سعيد
أكدت الإدارة الأميركية، أمس، أنها ستمضي قدماً في سياستها «السلمية» نحو إيران، في أعقاب انتخابات الرئاسة الإيرانية يوم الجمعة، التي أسفرت عن فوز محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية. وقال مسؤولون أميركيون إنه على الرغم من الشكوك التي تساورهم بشأن نتائج الانتخابات، فإن إدارة باراك أوباما مصممة على المضي قدماً في جهودها للتعامل مع الحكومة الإيرانية.
غير أن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى أعرب عن أمله في أن تؤدي كثافة الجدل السياسي أثناء الحملة الانتخابية والحضور القوي للناخبين، في جعل نجاد أكثر استجابة للولايات المتحدة على الأقل لنزع فتيل رد الفعل المحتمل على نتائج الانتخابات المتنازع عليها.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن هذا المسؤول قوله «إن نجاد قد يشعر بسبب ضغوط الرأي العام بأنه يريد أن يخفف من عزلة إيران. ومن شأن هذا أن يدفع بعملية التعامل مع الولايات المتحدة للمضيّ بخطى أسرع».
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، قد ذكر في بيان مكتوب «إننا وكما باقي دول العالم متأثرون بالنقاش الحيوي الذي أثارته هذه العملية الانتخابية، ولا سيما في صفوف الشباب الإيراني، ونواصل مراقبة الوضع برمّته عن كثب، بما في ذلك التقارير عن وجود مخالفات».
أمّا نائب الرئيس جو بايدن فقال إن هناك «شكوكاً جادة» في نتيجة الانتخابات ستدقق الولايات المتحدة فيها قبل التعليق عليها. وأحجم، في مقابلة مع تلفزيون «إن بي سي» الأميركي، عن تأكيد ما إذا كانت الولايات المتحدة تعترف بنتائج الانتخابات التي أعلنتها طهران.
في غضون ذلك، أعلن العضو الجمهوري في مجلس النواب الأميركي، دان لونغرين (ولاية كاليفورنيا)، أن «هناك أدلة كثيرة تفيد بأن نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران مزورة»، فيما أكد زميله الجمهوري كوني ماك (ولاية فلوريدا) أن الانتخابات الإيرانية «لم تكن حرّة أو نزيهة». وقال «إن العالم سيصبح أكثر خطراً بإعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً لإيران لفترة أخرى جديدة».
ومن المتوقع أن يحثّ أعضاء في الكونغرس، الرئيس الأميركي للعمل على فرض إجراءات أكثر صرامة من قبيل المقاطعة الاقتصادية أو شن عمل عسكري في مسعى لإجبار إيران على التخلي عن طموحاتها النووية.
في السياق نفسه (أ ف ب)، عبرت بريطانيا عن تحفظها على نتائج الانتخابات، إذ قال وزير خارجيتها ديفيد ميليباند «نأخذ علماً بالنتيجة التي أعلنتها اللجنة الانتخابية الإيرانية».
وتظاهر نحو مئتي شخص أمس أمام سفارة إيران في لندن، للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية والمطالبة بتغيير في هذا البلد، حسبما أفاد متحدث باسم «اسكتلنديارد» لوكالة «فرانس برس».
وعبّرت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي عن «قلقها» من «المخالفات المفترضة»، التي سجلت خلال الانتخابات. وقالت إن «الاتحاد الأوروبي يأمل أن تشكل نتيجة الانتخابات الرئاسية فرصة للحوار حول المسألة النووية وتوضيح الموقف الإيراني في هذا الشأن».
وفي باريس، اعتبر المستشار الخاص للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، هنري غينو، خلال حوار تلفزيوني، «أن ما يجري في إيران ليس نبأ ساراً لأحد، لا للإيرانيين ولا للاستقرار والسلام في العالم». وقال «إن سبل التدخل المباشر محدودة للغاية، ولا يمكن أحداً أن يحكم من هنا ما إذا كانت هذه الانتخابات نزيهة أو لا». وتابع غيان «لكننا هنا أمام واقع سياسي فرض نفسه. نجاد هنا بمواقفه المتطرفة ومغالاته، وهذا لا يسهّل المهمة على كل الذين يودّون أخذ إيران بعين الاعتبار في العالم ويودّون احترامها والتحاور معها». وأضاف «لا يمكن خوض أي حوار من دون شروط. إن إقامة حوار يتطلب وجود طرفين»، مذكّراً بالشرطين اللذين وضعتهما فرنسا والأسرة الدولية، وهما الاعتراف «بوضوح بحق إسرائيل في الوجود وفي العيش في أمان» والموافقة على إخضاع البرنامج النووي الإيراني لعمليات تفتيش تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي روما، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أن فوز نجاد لا يحول دون استمرار دعوة بلاده إلى المشاركة في الاجتماع المقبل لوزراء خارجية مجموعة الثماني في تريستي، الذي سيناقش الأوضاع في باكستان وأفغانستان.
وفي موسكو، عبّر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي (الدوما)، قسطنطين كوساتشيف، عن أمله في أن يبدي الرئيس الإيراني «مزيداً من التفهّم والحكمة حيال الأسرة الدولية، ويبتعد عن السياسة الأحادية التي ترتكز على القوة العسكرية وتطوير برنامج نووي».
كذلك، دانت ألمانيا قمع الشرطة الإيرانية متظاهرين يحتجّون على إعادة انتخاب نجاد في إيران. وقال وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، في بيان، إن «أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن بحق المتظاهرين غير مقبولة».
في المقابل، اتصل الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بنظيره الإيراني، مهنئاً إياه بإعادة انتخابه، ومرحّباً بفوزه «من أجل عالم جديد»، حسبما أعلنت الرئاسة الفنزويلية السبت في بيان صدر في كراكاس. وشدد تشافيز على أن هذا الفوز «كبير جداً ومهم للشعوب التي تناضل من أجل عالم أفضل»، معتبراً أنه يمثّل «التزام الشعب الإيراني بناء عالم جديد».
وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، أوّل من هنأ نجاد بإعادة انتخابه رئيساً لإيران. ووجّه الأسد «برقية تهنئة» إلى الرئيس الإيراني «أعرب فيها عن أخلص التهاني وأطيب التمنيات للرئيس نجاد وللشعب الإيراني الشقيق بالمزيد من التقدم والازدهار».
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب)