خاص بالموقعبول الأشقر
... وأخيراً، تراجعت حكومة الرئيس البيروفي آلان غارسيا أمام الانتفاضة الهندية في البلاد. فقد وقّع رئيس الحكومة يهودي سيمون، أول من أمس، اتفاقاً مع القادة الهنديين، ينص على إرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب، يقضي بإلغاء قوانين «الغابة الجديدة» التي كانت تسهّل على الشركات المتعددة الجنسيات التنقيب عن النفط والمعادن داخل الغابة على حساب أراضي السكان الأصليين.
وقد دار التفاوض حول مشروع القانون هذا منذ أكثر من شهرين بين الحكومة والقادة الهنديين. غير أنّ فشل المفاوضات أدّى إلى انفجار الوضع قبل عشرة أيام، عندما تملّصت الأكثرية النيابية، في اللحظة الأخيرة، من تعهّدها تجميد القانون. حينها، انتفض هنود الأمازون وقطعوا الطرقات والأنهر واحتلوا عدداً من المنشآت والمخافر الحكومية.
غير أنّ الشرطة لجأت إلى العنف، وهاجمت الهنود براً وجواً بواسطة الطوافات، ما أدى إلى وقوع 35 قتيلاً من بينهم 25 شرطياً، إضافةً إلى مئات الجرحى فيما لا يزال 60 هندياً في عداد المفقودين.
لكنّ التحركات الهندية لم تتوقف في ظلّ فرض حالة الطوارئ، حتى إنّ «المعارك» توسعت في منطقة الأمازون، وانتقلت إلى خارجها. وقد قطعت عدة طرقات جديدة، وجرت إضرابات متفرقة في المدن والبلدات الأمازونية وفي سلسلة جبال الأندس، كما جرى احتلال أحد المطارات.
وفي منطقة باغوا، حيث وقعت أولى المواجهات، أقفلت الشرطة إذاعة سبق أن بثّت تفاصيل القمع البوليسي. وأصدرت منظمة «أبروديه» الهنديّة، بياناً، كشفت فيه عن فقدان 61 هندياً، وأن عدد الهنود القتلى لا يقل عن الثلاثين، بينما أصرّت الحكومة على أنّ عددهم عشرة. تطورات استدعت صدور دعوات هندية لإضراب عام لثلاثة أيام، تبدأ في مطلع تموز المقبل «لإخراج الحكومة وإقالة الرئيس غارسيا».
ويبدو سبب غضب الهنود إزاء غارسيا مبرراً، إذ إنّ الرئيس هو «ملهم هذه القوانين» المكمّلة لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وسبق له أن أشرف على الحملة الرسمية التلفزيزنية التي وصفت الهنود بـ «المتخلفين والمتوحشين والإرهابيين». اتهامات كان يجب أن يرفقها غارسيا بالتأكيد أن الهنود «يعملون لمصالح خارجية» في إشارة إلى بوليفيا وفنزويلا.
ومثلّ تراجع الحكومة عن «قوانين الغابة»، ضربة مؤلمة لغارسيا شخصياً، بما أنه اعتبر قبل أيام، أن إلغاء هذه القوانين «أمر غير وارد». وفي محاولة لحفظ ماء الوجه، استدعى الرئيس سفيره لدى بوليفيا التي تجمعها علاقات متوترة مع البيرو، للاعتراض على تصريحات للرئيس إيفو موراليس، وصف فيها ما حصل في المنطقة الأمازونية بـ «المجزرة».
ومع تراجع حكومة ليما عن القانون، قالت الزعيمة الهندية ديزي زاباتا إنّ القرار «أتى متأخراً، والشعوب صارت منهكة بالوعود وباتت تريد أفعالاً»، مجددة المطالبة باستقالة الحكومة والرئيس.