أرنست خوريلا شك أنّ نيل موسوي دعم ثلاثة من كبار مراجع قُم، كان أحد العوامل الأهم التي أقنعته بالترشح للانتخابات، وهو الذي يوصَف بأنه «زاهد» بالمناصب والمواقع منذ ترك رئاسة الوزراء في عام 1989. دعم جاءه في الأساس لمواجهة محاولات نجاد كسر «الإقطاع الديني» الذي يستمدّ أركانه نفوذهم من سلالاتهم وعائلاتهم ودورهم في ثورة الإمام الخميني. ويكشف أحد الخبراء الفرنسيين بالشؤون الإيرانية، لصحيفة «لو فيغارو» أنّ نجاد خلق في ولايته الأولى في 2005 «طبقة بديلة من رجال الدين الموالين له»، هي «أشبه بميليشيا راديكالية»، يفوق عديد شيوخها وسيّادها الـ 800 في قُم وحدها، ويقودهم آية الله مصباح يزدي. شخصيات يحلم نجاد بأن يصل بعضهم إلى مرتبة المرجعية. ومعروف أن ثلاثة على الأقل من مراجع قُم يدعمون منافسه مير حسين موسوي: حسين علي منتظري (يوصَف بـ«مهندس الثورة» وكان أحد الخلفاء المحتملين للخميني عند وفاته في 1989) المعارض لولاية الفقيه المطلقة، وعبد الكريم موسوي أردبيلي ويوسف صانعي وهما أهم منظِّري الإصلاحيين.
ثلاثة رجال دين «كبار» وقفوا علناً مع موسوي، وأدانوا «تزوير الانتخابات». ولأنّ آيات قُم، المقربين من الرئيسين السابقين علي أكبر رفسنجاني ومحمد خاتمي، نادراً ما يطلقون مواقف واضحة في شؤون سياسية يومية، فإنّ قيمة كلمات منتظري تبدو معبّرة عن الغضب إزاء نجاد ودعم المرشد علي خامنئي له، عندما قال إنّ ما حصل «لا يمكن أن تقبل به أي روح تقيّة»، ودعا إلى ثلاثة أيام من الحداد العام على المواطنين الذين قتلوا في احتجاجات الشوارع، مشيراً إلى أنّ «المناسبة الممتازة للانتخابات استُغلَّت بأبشع الطرق»، حاثاً رجال الشرطة و«الباسيج» و«الحرس الثوري» على عدم «بيع دينهم بالتعرّض بالعنف للمتظاهرين». مواقف أدّت، بحسب الخبير الفرنسي بالشأن الإيراني يان ريشار، إلى فرض الإقامة الجبرية على منتظري في منزله.
وفي «حرب» الملالي، كانت إحدى أكثر التظاهرات حشداً، تلك التي دعت إليها ونظمتها «رابطة العلماء المناضلين»، وهي جمعية تضم عدداً كبيراً من رجال الدين المناهضين لنجاد ورجاله ويقودهم خاتمي وموسوي ورفسنجاني.
ومن أهم ما يُسَجَّل في حرب الملالي هذه، تظهير المعركة مع المرشد خامنئي شخصياً، ولو أنّ حدّة الشعارات المناهضة له بقيت أقل حدة من تلك الموجهة إلى الرئيس ورجاله.
ويرى عدد من الخبراء في الشؤون الإيرانية أنّ هذه الخلافات بين آيات الله مصدرها واحد وأبعد من معركة الرئاسة، وحتى أبعد من خلافة المرشد الحالي وصلاحياته: يكمن الموضوع في مشروع نجاد، الهادف إلى تحويل نظام بلاده من جمهورية إسلامية إلى «حكومة إسلامية» تقوم على إلغاء السيادة الشعبية مصدراً للشرعية السياسية. بكلام آخر، يريد نجاد إلغاء انتخابات الرئاسة ومجلس الشورى ومجلس الخبراء، وحصر جميع الصلاحيات بتعيينات المرشد والرئيس، علماً بأن نجاد نفى هذه التهم أكثر من مرة.
ستنشدّ الأنظار إلى خطبة رفسنجاني في طهران اليوم، لإحصاء عدد المعمَّمين الذين سيستمعون إلى كلمة الرجل الذي اعترف خامنئي بأنه «أحد أعمدة الثورة»، ويتحدث باسم المئات من أغنياء إيران ورجال أعمالها، ويمثّل قدوة للآلاف من طلاب الدين ورجاله، ويقود اثنتين من أهم مؤسسات النظام: «مجلس الخبراء» الذي يمتلك صلاحية إقالة المرشد الأعلى، و«مجمع تشخيص مصلحة النظام».
ولكي تكتمل فصول «معركة آيات الله»، يكشف الخبير الفرنسي في الشؤون الإيرانية، برنار هوركاد، أنّ نجاد حقّق نجاحاً كبيراً داخل مجمعات «رجال قُم»، إذ إنّ رفسنجاني توجّه إلى هذه المدينة في أول أيام التظاهرات، وفشل في إقناع معظم رجال الدين بفكرة إقالة خامنئي.