بول الأشقربدأت المكسيك باستعادة حياتها الطبيعية فيما تراقب توجه فيروس «انفلونزا ايه اتش 1 أن 1»، الذي انطلق منها، جنوباً. فبعد أسبوعين من تحول العاصمة مكسيكو إلى مدينة أشباح، وبعدما منعت السلطات النشاطات الاقتصادية «غير الضرورية» في القطاعين العام والخاص لمدة خمسة أيام متواصلة، خفض قبل يومين مستوى الطوارئ الصحية من اللون البرتقالي إلى اللون الأصفر. وبدأت العاصمة تستعيد تدريجياً حالتها شبه الطبيعية، من دون أن تنسى، كما قال الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون، «أن التدابير الاحترازية مستمرة لأن الوباء لا يزال ينتشر ولم نهزمه بعد، وإن نجحنا في صده». وفي السياق، عاد طلاب الجامعات إلى جامعاتهم منذ نهار الأربعاء الماضي، فيما سيعود تلامذة المدارس بدءاً من الاثنين إلى مقاعدهم الدراسية، حيث تجهد السلطات لتوفير مسؤول صحي في كل مدرسة.
أما على صعيد النقل العام في المدينة، فيضطر سائقو الباصات بعد كل رحلة يقومون بها إلى تطهير النوافذ والقضبان الحديدية التي يتمسك بها الركاب، فيما ينصح هؤلاء بعدم تبادل الكلام والامتناع عن الأكل. وفي المطاعم، توزع مطهرات للأيادي ولمعدات الطاولة على المداخل. وقد طلب توسيع المسافات بين الطاولات وعدم استقبال إلا نصف عدد الزبائن المتاح.
المبدأ نفسه اعتمد في صالات الترفيه المقفلة وفي الملاعب الرياضية، حيث أصبح استعمال الأقنعة الطبية إجبارياً، كما اتخذت تدابير تنظم عملية الدخول والخروج منعاً لحصول اكتظاظ.
وأسهم في اتخاذ السلطات قرار تخفيف التدابير المفروضة في العاصمة مكسيكو، اكتشاف أن أرقام الإصابات السابقة الآتية من الولايات المكسيكية كانت مضخّمة ومتضاربة، إذ كانت تمزج بين كل من يعاني زكاماً وجميع المتوفّين إثر أمراض تنفسية، والذين أصيبوا فعلاً بالفيروس أو توفّوا بسببه. وأسهم إجراء الفحوص المخبرية في تراجع عدد الوفيات من أكثر من 150 إلى أقل من 50، إضافةً إلى تراجع الإصابات من معدل 200 حالة يومية إلى 40 حالة.
كذلك دفعت الضائقة المالية، التي أصابت المكسيكيين في الداخل، والتمييز الذي عانوه في الخارج، السلطات المكسيكية إلى خفض مستوى الطوارئ. إذ تعرّض المكسيكيون في العديد من الدول لإجراءات استثنائية وُصفت بالتمييزية، بدءاً من الصين التي عمدت إلى عزل المكسيكيين بغضّ النظر عن وضعهم الصحي، وكولومبيا التي رفضت استقبال لاعبي كرة مكسيكيين، والأرجنتين التي أوقفت الرحلات من المكسيك وإليها قبل عشرة أيام بعدما أعلنت أن «شقيقتنا مريضة».
ولكن المكسيكييين الذين أبدوا بعض التفهم لعدد من الإجراءات، يتساءلون لماذا اقتصرت هذه الإجراءات على المكسيك ولم تعمّم على الولايات المتحدة؟.