بعد مرور أكثر من عشر سنوات على تفجير القنبلة النووية الباكستانية، عادت هذه القنبلة لتمثّل هاجساً أساسيّاً لدى الغرب، بعد سيطرة «طالبان» والمتحالفين مع «القاعدة» على وادي سوات، والاقتراب من العاصمة إسلام آباد
باريس ــ بسّام الطيارة
يصل الرئيس الباكستاني آصف زرداري، غداً، إلى باريس، حيث يقابل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فيما أُعلنت زيارة مفاجئة لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى أفغانستان، يرافقه المبعوث الفرنسي الخاص بيار لولوش.
وتدلّ المعطيات على أن «الوضع الباكستاني» بات يمثّل محور مباحثات مكثفة على مختلف الأصعدة بين الحلفاء الموجودين ضمن قوة «إيساف»، وسيكون محطّ مباحثات ساركوزي وضيفه.
وكان لولوش قد قال، في لقاء مع بعض الصحافيين العرب، إن احتمال وقوع القنبلة النووية الباكستانية في أيدي متشددين مرتبطين بتنظيم «القاعدة»، بطريقة أو بأخرى، «هو أمر لا يمكن استبعاده»، في ظل تمدد سيطرة «طالبان باكستان» في مناطق قريبة من شمالي العاصمة. وشكا من أن المسؤولين الباكستانيين «يرفضون الاعتراف بهذا الاحتمال»، مستبعدين حصول هذا الأمر بحزم.
ورداً على سؤال لـ«الأخبار»، نفى المسؤول الفرنسي «وجود رقابة أميركية» على القوة النووية الباكستانية، إلا أنه دعا الدول المحيطة بأفغانستان وباكستان إلى مساعدة الأخيرة على «السيطرة على قوتها النووية، بما في ذلك المخازن ومراكز نشرها».
ويتفق عدد كبير من المراقبين اليوم على أن «كابوس فقدان السيطرة على السلاح النووي الباكستاني» بات يمثّل هاجساً للمسؤولين الغربيين. ولا تتردد بعض مراكز الأبحاث في طرح سؤال مفاده: «هل يمكن أن تنهار الدولة ويستولي المتطرفون على القنبلة؟». وينكبّ هؤلاء على تمحيص «أفكار صادرة من واشنطن» تأتي بصورة دراسات أو تعليقات تطرح فكرة «إيجاد خيارات عسكرية لتأمين هذه الأسلحة»، وضغوط تتعرض لها إسلام آباد للموافقة على «دعوة الغرب للمشاركة في مسؤولية حماية هذه الأسلحة».
ويؤكد مصدر مقرّب من هذا الملف، عمل طويلاً في فريق ضم أميركيين، أن الأمر لا يتعلق بـ«عدم الثقة الغربية بباكستان»، بل بالخوف من أن «يخترق متطرفون إسلاميون الجيش الباكستاني»، قبل أن يضيف «وقد يكونون من القاعدة». ذلك أن «الكارثة هي النجاح في الحصول على قنبلة أو قنبلتين يمكن استخدامهما في أي مكان».
ويقرّ المصدر، الذي عمل على دراسة معلومات أوصلتها السلطات الباكستانية لـ«طمأنة» حلفائها، بأنّ «هناك بعض الضمانات العملية» التي أخرجتها باكستان من السرية بهدف تخفيف الضغوط المتزايدة عليها، منها: تجزئة التخزين بحيث يفصل الرأس النووي عن الصاروخ، تخصيص فرق حماية خاصة تتبع لقيادة القوة الاستراتيجية (النووية)، جعل مفاتيح الإطلاق في يد عدد محدود جداً من المسؤولين مع رابط شيفرة مزدوج في يد السلطة السياسية.
ويفيد الخبير بأن باكستان «رفضت عروض التعاون» التي جاءتها من واشنطن لتطوير «نظام للشيفرة»، وفضّلت تطوير نظام شيفرة خاص بها. ويضيف أن «الجيش هو حامي القنبلة». ويستطرد بأن «القنبلة أيضاً تحمي الجيش»، إذ إن هذه العلاقة المترابطة بين الجيش والسلاح النووي الباكستاني هي نوع من ضمانة لـ«بقاء يد الجيش ممسكة بمقدرات البلاد من وراء غطاء اللعبة السياسية». ويضيف أن «وجود خلية متعاطفة» مع المتشددين يظل ركيزة كل الهواجس الحالية.