بول الأشقرتعيش غواتيمالا منذ الاثنين الماضي قصة تبدو كسيناريو فيلم بوليسي. فقد وُزّع شريط مصوّر إثر مقتل محام معروف كان قد سجله قبل أسبوع يبدأ بالكلمات الآتية: صباح الخير، إسمي رودريغو سولدينبرغ، وإذا رأيتم هذا الشريط، يكون قد قتلني رئيس الجمهورية ألفارو كولوم، وزوجته، وسكرتيره الخاص وعدد من المصرفيين ورجال الأعمال، الذين يذكرهم بالاسم.
أمام خطورة مضمون هذا الشريط، وبعد يوم من الصمت، خرج الرئيس الاشتراكي ـــــ الديموقراطي، كولوم، عن صمته لينفي الاتهامات، في نهاية مؤتمر صحافي كان قد دعا إليه للتحدّث عن أنفلونزا الخنازير، قائلاً «لست مهرّباً ولا مجرماً».
ثم جمع حكام المناطق ورؤساء البلديات من أنصاره ليقول إن هناك «محاولة خبيثة لضرب الاستقرار»، وأمر المراقب العام بالإسراع في «كشف خلفيات الاتهامات». وطلب أيضاً عون وكالة التحقيق الفدرالية «أف بي آي» و«اللجنة الدولية لمكافحة عدم العقاب في غواتيمالا» (وهي مؤسسة غير حكومية تابعة للأمم المتحدة). وقد قبلت اللجنة المهمة «شرط عدم وجود توجيهات ولا ضغوط رسمية في التحقيق». واستبعد كولوم، وهو أول رئيس يساري يصل إلى السلطة منذ 1954، أي نيّة للاستقالة «ولو المؤقتة، حتى انتهاء التحقيقات»، كما طالبته المعارضة. وفي الوقائع المؤكدة حتى الآن، طلب الرئيس كولوم، قبل أشهر، «خدمة للبلد» من رجل الأعمال في صناعة النسيج، خليل موسى. ودعاه للانضمام إلى مجلس إدارة ثالث أكبر بنك في غواتيمالا، بنك التنمية الزراعية، وهو مصرف مختلط تعود الأكثرية فيه إلى القطاع العام. وقد قبل الرجل الطلب الرئاسي وصدر التعيين، إلا أنه لم يترجم على أرض الواقع. وصار موسى، حسب الشريط، يتلقّى نصائح من مسؤولين في المصرف بالانسحاب «بسبب وجود مشاكل قد تؤثر على سيرته الناصعة». وكان يجيبهم بأنه «لم يطلب شيئاً ولا يجوز أن يرفض طلب الرئيس، وبما أن التعيين لم يتحول واقعاً بعد، فمن الأجدى، وهم معاونو الرئيس، أن يطلبوا منه أن يُعفيه». وفي 14 نيسان الماضي، اغتيل خليل موسى وابنته، بعدما أطلق مسلحون على دراجات نارية النار على سيارته وهو عائد إلى منزله للغداء.
وفي الشريط الذي سجله روزينبرغ، وهو محامي عائلة موسى، وقد اغتيل الأحد الماضي بينما كان يتنزّه على دراجته، يتهم الرئيس كولوم وزوجته ومعاونيه بهذه الجريمة المزدوجة. ويقول في وصيته المتلفزة، مدتها حوالى عشرين دقيقة، إن بنك التنمية الزراعية تحوّل إلى «وكر لتبييض أموال المخدرات وسرقة أموال عامة لمصلحة حسابات شخصية، ومنها السيدة الأولى وسكرتير الرئيس ومموّل حملته الانتخابية». ومساء أول من أمس، دخلت الشرطة المصرف المذكور، وحجزت حسابات كل المتورّطين في الفضيحة.