رغم الضيق الذي أظهرته الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي من التجربة النووية الكورية، لا تزال تتردد في أسلوب الردّ، بعد فشل كل الأساليب السابقة
نيويورك ــ نزار عبّود
لا تزال المداولات جارية في مجلس الأمن للتوصل إلى قرار ضد بيونغ يانغ، من المقرر أن يصدر الأسبوع المقبل، فيما يعمل كل طرف على طمأنة حلفائه. وكثرت المشاورات المغلقة في أروقة الأمم المتحدة؛ فالأميركيون الذين يطالبون بلهجة عالية بتشديد العقوبات، ينظرون إلى الصين وينتظرون منها موقفاً شديداً.
الصين أعطتهم، على لسان كبار مسؤوليها، لهجة حازمة، لكنّ اللهجة الدبلوماسية تبقى مختلفة. فكوريا النووية قد تزعجها، لكنّ انهيار بيونغ يانغ سيكون أكثر إيذاءً لها من نواح عديدة، أهمها تدفق اللاجئين الشماليين إلى الصين بالملايين، وهم حالياً يعدّون بمئات الآلاف، فيما ستضطر كوريا الجنوبية إلى سحب ملياراتها الكثيرة من الصين في وقت الضيق لاستخدامها في إعادة بناء شبه الجزيرة الكورية المقسّمة منذ أوائل الخمسينيات.
ومن موسكو، نقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية أندري نيستيرينكو قوله، في مؤتمر صحافي، «ليس لدينا مانع أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً جديداً بشأن كوريا الشمالية». وأضاف أن موسكو تعارض استخدام «لغة العقوبات»، وتدعو إلى «أن نظهر ضبط النفس والتحلّي بالصبر لإجراء مشاورات بشأن كل المسائل التي تثير قلق الأطراف التي تتعامل مع هذه المشكلة».
ولكن عقب هذا الإعلان، نقلت وزارة الخارجية اليابانية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله، خلال اتصال بنظيره الياباني هيروفيومي باكاسون، إن بلاده «مستعدة لمناقشة عقوبات محددة في قرار مجلس الأمن». وأضاف أنه على المجلس توجيه رسالة «قوية وواضحة»، أنه ضد التجربة «غير المقبولة» من قبل كوريا الشمالية.
وفي السياق، ذكر مصدر دبلوماسي أن من الخطوات المحتملة من قبل مجلس الأمن فرض حظر على استيراد كل الأسلحة وتصديرها لا مجرد الأسلحة الثقيلة وتجميد الأرصدة وفرض حظر على سفر مسؤولي كوريا الشمالية وإدراج المزيد من الشركات الكورية الشمالية في القائمة السوداء للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إن من الممكن أيضاً تفتيش الشحنات، ولكنّ الصين ليست متحمّسة لتلك العقوبة.
وفي خضم المواجهة الدبلوماسية بين المجتمع الدولي وكوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي، لم يكن للعقوبات إلا أثر قليل على النظام الشيوعي الكوري الشمالي. وقال خبراء إن الولايات المتحدة التي تسعى مع قوى غربية أخرى لاستصدار عقوبات جديدة على بيونغ يانغ، يمكن أن تستهدف مجدداً نقطة ضعف النظام الكوري الشمالي.
وقال الخبير في معهد «بيترسون للاقتصاد الدولي»، ماركوس نولاند، إن كوريا الشمالية «لديها علاقات ضعيفة وهشة مع النظام المالي العالمي. وهي لا تملك الكثير من المال».
بيد أنه فيما تسعى الولايات المتحدة لحشد تأييد المجتمع الدولي لعقوبات أشد، يبقى السؤال الكبير الذي لا يزال معلقاً يتمثل في دور الصين، الحليف الرئيسي والشريك التجاري لكوريا الشمالية، في تطبيق هذه العقوبات. ويرى الخبراء أن هذه السلبية قد تدفع واشنطن إلى الالتفاف على مجلس الأمن وفرض عقوباتها الخاصة.
وعلى مستوى التطورات الميدانية، رفعت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة مستوى التأهب العسكري في شبه الجزيرة الكورية. وقالت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية إن القيادة المشتركة للقوات الأميركية البالغ قوامها 28 ألف جندي، التي تدعم 670 ألف فرد من القوات المسلحة الكورية الجنوبية، رفعت حالة التأهب، ما يشير إلى خطر كبير من بيونغ يانغ.
ونقلت كبرى الصحف الكورية الجنوبية، «تشوسون إلبو»، عن مصادر دفاعية قولها إنّ سيول تستعد لأي حالات طارئة مثل القصف المدفعي أو الصاروخي. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) عن بيان للناطق باسم القوة الدولية في سيول أن «الهدنة تبقى سارية المفعول، وهي ملزمة لكل الأطراف الموقّعة عليها، بمن فيها كوريا الشمالية».
من جهة ثانية، يناقش وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، في مؤتمر الأمن السنوي السابع في سنغافورة الذي ينظمه مركز الدراسات الاستراتيجية في لندن، مع الحلفاء الآسيويين والأوروبيين، من عشرين دولة، كيفية التصدي للخطر النووي الكوري.
وسيجتمع غيتس في المؤتمر، الذي بدأ أمس ويستمر إلى يوم غد، مع وزيري دفاع كوريا الجنوبية واليابان. كذلك يجتمع مع نائب وزير الدفاع الصيني الجنرال ماو زياوتيان، حسب تأكيد المتحدث باسم غيتس، جوف موريل.