ستراسبورغ ــ الأخبارانتهت قمّة الحلف الأطلسي، التي تقاسمتها فرنسا وألمانيا، وكمٌّ من المرارة يجترح حنجرة أهالي ستراسبورغ، بعدما «فضلت الشرطة حماية الزعماء بدل حماية السكان»، كما يقول أكثر من شخص من قاطني الأحياء الشعبية التي حوصرت فيها جموع المشاغبين لاستبعادها عن «الوسط التاريخي» للمدينة وعن «جسر أوروبا»، الذي يربط بين المدينتين. فقد أفاق «أهالي الشمال» على خراب أحياء كاملة بفعل قنابل المولوتوف وتكسير المصارف والمخازن من جماعات تُلقَّب بـ«بلاك بلوك» نسبة إلى تنقل أفرادها الدائم ضمن مجموعات قليلة العدد (نحو عشرة أشخاص) بثياب سوداء، وهم يعتمرون خوذات الدراجات النارية أو ملثمون. وهذه المجموعات، التي لم تتردد بإضرام النار في فندق ثلاث نجوم، لا يتجاوز عدد أفرادها الألف، وتحارب العولمة وتلاحق قمم زعماء العالم الغربي والدول الليبرالية لـ«إفساد لقاءاتهم» وتنظّم تحركاتها بواسطة الإنترنت ورسائل الـ«إم إس إن»، ما يجعلها قوة ضاربة سهلة التنقل وقادرة على إنهاك الشرطة.
وبالطبع، بعدما شجبت جميع القوى السياسية «المشاغبين وأعمال العنف»، سلطت المعارضة الأضواء على مسؤولية الدولة في حماية المواطنين والأملاك، فيما تساءل «الخضر» عن «حرية حركة المخربين» وتراخي قوات الأمن، ووصفت الأمينة العامة للحزب الشيوعي، ماري جورج بوفيه، ما حصل بأنه غير مقبول البتة. وحمّلت الحكومة المسؤولية عمّا حصل وقالت إن «بضع مئات من المشاغبين يغطّون على معارضة حقيقية للحلف الأطلسي».
والواقع أن حي «لوبور أو رين»، الذي حصلت «جولة التخريب» فيه، هو من أفقر أحياء مدينة ستراسبورغ، ويتهم بعض سكانه الدولة بأنها أهملته وتراجعت أمام العنف، بينما يرى البعض الآخر أن هذا الإهمال هو إشارة غير مباشرة إلى أن «الأحياء الفقيرة هي أحياء عنف» وهو ما يرفضه السكان. ولم تتردد «الجبهة الوطنية»، التابعة لجان ماري لوبن، في إعلان أن «التطرف والعنف من صنع اليسار».
أما حزب الأكثرية الشعبية الحاكم، فقد رأى على لسان زعيمه الجديد غزافيه برتران، في تصريحات المرشحة السابقة سيغولين رويال، التي بررت فيها «احتجاز» كبار الصناعيين والرأسماليين من العمال «دعوة للعنف». وربط بين تحركات المعارضة و«الشغب والتكسير». ويمكن من قراءة هذه التصريحات القول إن قمة الأطلسي لم تنته فصولها فرنسياً.