طهران صُوّرت على أنها «مشكلة الأمن القومي العالمي»شهيرة سلّوم
يظهر جلياً من خلال الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، التي تقدمها المعاهد في واشنطن وتل أبيب، إضافة إلى تهديدات حكام إسرائيل من وقت لآخر، أن السياسة الإسرائيلية تروّج لاستراتيجية شاملة من أجل معالجة أزمة إيران المتمثلة في النووي وأيديولوجية النظام، تقوم على انخراط مختلف الفاعلين الدوليين والإقليميين في حل الأزمة، وذلك من خلال ما يأتي:
* جعل المشكلة الإيرانية ذات امتدادات إقليمية وعالمية؛ وقد نجحت بذلك بعدما أصبحت تهديداً حيوياً لدول الجوار أيديولوجياً وعسكرياً، وخطراً على النظام العالمي برعايتها ما يسمى «التنظيمات الإرهابية»، وعلى معاهدة حظر الانتشار النووي؛ إضافة إلى خطر مشاركة الأنظمة الراديكالية المتحالفة معها بالتكنولوجيا النووية، وانعكاس أي تهديد للمنطقة على أسعار النفط العالمية، وهكذا دواليك إلى أن باتت طهران «مشكلة الأمن القومي العالمي».
* جعل الملف الإيراني عقدة حل الملفات الشائكة الأخرى، من أزمة السلام في الشرق الأوسط إلى مكافحة الإرهاب وصولاً إلى الانتشار النووي، وتلك عناوين تندرج في إطار القضية الأسمى «الأمن والاستقرار الدوليين».
*ربط قضية الانخراط في السلام على مختلف المحاور بحل الأزمة الإيرانية، واستخدامها كورقة ضغط على واشنطن كي تقوم بدور ريادي لحل الأزمة.
وتصوير الأزمة الإيرانية على أنها مشكلة الولايات المتحدة وحلفائها وليس فقط إسرائيل، يجعل من إيران مصدر خطر جماعي، وهذا ما يمكن أن يشكل مظلة لإسرائيل إذا رست على الخيار العسكري الأحادي؛ ويضع واشنطن أمام مسؤوليات تاريخية واختبار حقيقي بالنسبة إلى حلفائها في المنطقة. فهل هي قادرة فعلاً على حمايتهم؟ كذلك فإن الدولة العبرية تريد إرسال تحذير مفاده: إذا لم تستطع الولايات المتحدة، ومن ورائها المجتمع الدولي، وقف طموحات إيران النووية، عندها ستقرر إسرائيل التصرف بطريقة أُحادية. وبغض النظر عما يفكر به الأميركيون من أنه خيار جنوني، تبدو القيادات الإسرائيلية مقتنعة، على الأقل الآن، بأنها تملك الخيار العسكري، الذي تراه آيلاً إلى الاضمحلال خلال السنة أو السنتين المقبلين، ليس فقط بسبب تسارع وتيرة برنامج إيران النووي، وإنما أيضاً بسبب تطور القدرات الجوية الدفاعية لديها، ولا سيما بعد حصولها على النظام الجوي «أس 300» من روسيا.
لذا، تجد إسرائيل نفسها مضطرة لاستخدام هذا الخيار قبل نفاذه، وإذا نجحت الضربة العسكرية في تدمير أو تعطيل جزء من النووي الإيراني، فانه يُفترض أن تُلاقي إدانة دولية علنية، لكن سرعان ما سيرحب بها البعض سراً.
غير أن هذا النجاح غير مؤكد، إذ إن الضربة الناجحة ستبطئ من النشاط الإيراني النووي، وهناك احتمال أن تعود طهران لاستئناف نشاطها والانتقام، وهذا ما يُرجح أن يكون الخيار العسكري الإسرائيلي بمثابة ورقة ضغط لحشر واشنطن أكثر منه خطة جدية للتنفيذ.
ويرى البعض أن الولايات المتحدة ستكون أول من يدفع ثمن أي ضربة إسرائيلية غالياً، إذ إن كثيرين سيعتبرون أنها هي من أعطى الضوء الأخضر.
وهذا ما يدفع واشنطن وأصدقاؤها الشرق أوسطيين إلى العمل معاً على مختلف الجبهات من أجل تقديم عرض يقنع إيران بأن برنامجها يأتي عليها بالقليل من المصلحة الاستراتيجية مقارنة بكلفته العالية. وفي إطار بعض الدراسات بهذا الشأن، صنف معهد «واشنطن أنستيتيوت» مجموعة من التقارير «الطارئة» قدمها لأوباما منذ وطأت قدماه البيت الأبيض، وتدور حول 3 محاور: التحدي النووي الإيراني، والمعركة ضد التطرف الإسلامي الأصولي، وعملية السلام العربية ـــــ الإسرائيلية.
ويقول تقرير أخير حول «الحؤول دون الانزلاق الى اللااستقرار: الانخراط الأميركي في الكشف عن التقدم النووي الإيراني» إنه بينما تنكب إدارة أوباما على حل الأزمة الإيرانية، ينبغي عليها أن تأخذ بعين الاعتبار مجموعة عوامل، منها: عامل الحسابات الإقليمية، وما يمكن أن تؤول إليه أي عملية تقارب بين طهران وواشنطن من تعكير العلاقات مع دول شرق أوسطية أخرى. فالدول الخليجية تخشى اتفاقاً يأتي على حساب مصالحها وتنامي النفوذ الشيعي في مناطقها، وهي بالكاد قبلت فكرة أن أميركا قدمت العراق الى إيران، لذا يخشى بعضها من أن يتم تقديمها قرابين للنفوذ الإيراني في إطار أي صفقة محتملة.
وأي مكاسب تحققها ايران في الاحتفاظ بقدرات نووية، ستكون موضع مراقبة دول المنطقة عن كثب، وستسعى بدورها وراء قدرات كتلك لأسباب أمنية أو اقتصادية. وتُشير الورقة إلى أهمية أن تكون هناك استشارة استراتيجية في اتجاهين؛ فمن الضروري أن تسأل الدول الصديقة واشنطن قبل القيام بأي مبادرة باتجاه الملف النووي الإيراني. وفي المقابل، ينبغي أيضاً أن تكون واشنطن مستعدة لإعطاء الضمانات الأمنية اللازمة لحلفائها كمصر والسعودية أو أي دولة أخرى قد تفكر في حيازة السلاح النووي كسلاح ردعي. فضلاً عن مساعدتها للحصول على التكنولوجيا النووية السلمية بما لا يعرض استقرار المنطقة للخطر.
وعامل آخر يرتبط بإدراك أهمية الحل الجماعي للأزمة النووية، لأن من شأن العرض الأُحادي أن يعبّر عن انقسام المجتمع الدولي وهو أمر قد يصبّ في مصلحة إيران. والعرض الجماعي يجب أن ينبع من توافق دولي جدي ينطوي على المنطق بحيث يلقى نقاشاً داخلياً في إيران حول إمكان وقف البرنامج. وإذا رفضت إيران الاستجابة، يقول التقرير إنه حينها «يجب استخدام استراتيجية «المقاومة والردع» وليس «السكوت والردع». وإذا فشلت استراتيجية الانخراط، تكون العقوبات الاقتصادية والسياسية كفيلة على المدى البعيد باحتواء الطموحات النووية لإيران».


تل أبيب تريد إطاراً زمنيّاً للحوار وقال «لا شك لديّ في أن الإيرانيين سيستخدمون أي حوار لكسب الوقت، ما لم يكن هناك إطار زمني واضح ومعايير واضحة، كأن يقال لهم إن لديهم شهرين لوقف تخصيب اليورانيوم». وأوضح أن «هذا الوقت سيستخدم من قبل الإيرانيين للاستمرار بالسعي لامتلاك قدرة نووية».
ورفض يعلون التعليق على ما إذا كان الجيش الإسرائيلي سينفذ ضربة قوية ضد المنشآت النووية الإيرانية، قائلاً «نأمل أن يقوم طرف آخر غيرنا بالعمل». وأضاف «في 2003 أوقفت إيران برنامجها النووي من دون أن تهاجم. هذا كان أساساً بسبب المزج بين الضغوط الدبلوماسية والتهديد بالعقوبات، ولكن أيضاً بسبب التهديد بعمل عسكري».
(يو بي آي)