نجح أول رئيس أميركي أسود في تحقيق أكثر الوعود التي أطلقها إبان حملته الانتخابية، في انتظار معرفة مدى صوابية قراراته

واشنطن ــ محمد سعيد
يعقد الرئيس الأميركي باراك أوباما، غداً الأربعاء، مؤتمراً صحافياً لمناسبة مرور 100 يوم على تولّيه الرئاسة، والذي أصبح تقليداً سنّه رؤساء سابقون منذ فرانكلين داويت روزفلت عام 1933، للحديث عن الإنجازات التي تحققت من برنامج الوعود الانتخابية.
وتميّزت فترة المئة يوم الأولى من عهد أوباما بالعديد من الأنشطة، أبرزها خطة الحوافز الاقتصادية بقيمة 787 مليار دولار، وقرار إغلاق معتقل غوانتنامو في غضون عام، وخطة «الانسحاب المسؤول» من العراق، وزيادة عدد القوات الأميركية في أفغانستان، والتوقف عن استخدام مصطلحات «الحرب على الإرهاب»، وسياسة الانفتاح الداخلي والخارجي، والاتصال والحوار مع عدد من الدول التي كانت مدرجة على قائمة «الدول المارقة» لسلفه جورج بوش، وسعيه لتوسيع الاتصال مع العالم الإسلامي لتحسين صورة أميركا. غير أن سياسته تجاه الصراع العربي الإسرائيلي لا تزال تشهد تعثّراً، رغم الجولات المكثّفة لمبعوثه بين عواصم المنطقة.
مئة يوم من عمر إدارة أوباما والأزمة الاقتصادية والمالية لا تزال تُلقي بظلالها «القاتمة» على جهود البيت الأبيض لتحقيق برنامج أوباما الانتخابي، الذي سيحدد إمكان نجاحه في الانتخابات الرئاسية لفترة ثانية بعد حوالى أربع سنوات. ويقول خبير الشؤون السياسة روس بيكر، إن قدرة أي سلطة تنفيذية تظهر دائماً في كيفية العمل وسط الأزمات. ويشير إلى أن أوباما قد استفاد من تعليق الأميركيين آمالاً كبيرة عليه لإخراجهم من الأزمة الاقتصادية.
وقد أظهرت نتائج استطلاعات الرأي بشأن أداء أوباما خلال المئة يوم الأولى تأييداً شعبياً كبيراً، حيث أشار استطلاع مشترك أخير لصحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «إي بي سي» أن أوباما يحظى بتأييد أكبر من أسلافه منذ 30 عاماً، أي منذ عهد جيمي كارتر خلال الفترة نفسها. ورأى 6 أميركيين من أصل 10 أن الرئيس أوباما يفي بمعظم الوعود التي أعلنها في الحملة الانتخابية. وأظهر أن عمل أوباما يحظى بتأييد 39 في المئة من الديموقراطيين و36 في المئة من الجمهوريين.
ورغم حديثه المتواصل عن ضبط الإنفاق الحكومي، فإن منتقديه يقولون إن الميزانية الفدرالية التي تبلغ 3.55 تريليونات دولار، ستسهم في زيادة العجز في العام الجاري بواقع 1.8 تريليون دولار وتضاعف الدين القومي العام خلال العقد المقبل.
وينظر الأميركيون إلى المئة يوم الأولى على أنها تتضمن تحقيقاً لإنجازات على غرار ما حققه روزفلت بعد الكساد العظيم، حين وضع خطة «الصفقة الجديدة»، بينما أوباما انتهز فرصة الأزمة لصياغة جدول أعمال طموح. فقد حصل على موافقة الكونغرس لإمرار ميزانيته وخطة الحوافز التي تتضمن خفضاً للضرائب على الدخل ومنح الأفضلية في الإنفاق لبرامج الرعاية الصحية والبنية التحتية والطاقة المتجددة والتعليم، وتخصيص 275 مليار دولار لإنقاذ البيوت من المصادرة و100 مليار دولار لبرنامج إنقاذ البنوك.
كذلك أرغم شركة «جنرال موتورز» على الاختيار بين طرد رئيسها أو مواجهة الإفلاس، فيما دفع شركة «كرايسلر» لصناعة السيارات، التي تستعد لإعلان إفلاسها، إلى الاندماج مع شركة «فيات» لصناعة السيارات الإيطالية، ووقّع عدداً من المراسيم والمذكرات أكثر من أي من أسلافه، ورفع الحظر الذي فرضه بوش على تمويل برنامج أبحاث الخلايا الجذعية.
وينظر بعض الخبراء إلى أوباما بأنه مصلح للسياسة الأميركية، لأنه يعمل على إعادة صياغة العلاقة بين الحكومة والمجتمع وبين الحكومة وقطاع الأعمال وبين المجتمع وقطاع الأعمال.
وفي مجال الأمن القومي، إلى جانب قراره بإغلاق غوانتنامو، فقد ألّف لجنة برئاسة وزير العدل إريك هولدر لمراجعة ملفات سجناء المعتقل وبتّ أمر محاكمتهم سريعاً، وأمر بإصدار الوثائق السرية عن أساليب التحقيق القاسية، وربما قد يقدم المسؤولين عن إصدار التوجيهات والآراء القانونية بهذا الشأن إلى المحاكمة.
وعن مبادراته في مجال السياسة الخارجية، يعتقد مسؤولون مدنيون وعسكريون في حكومته أن مبادراته إزاء أفغانستان وباكستان لم تنجح في وقف تقدم «طالبان» و«القاعدة» في جنوب آسيا. كذلك فإنه من غير الواضح بعد النتائج التي ستؤدي إليها مبادراته تجاه إيران وفنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية.