باريس ــ بسّام الطيارةما إن عاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من شرم الشيخ، حتى أعادت الدبلوماسية الفرنسية طرح فكرة مؤتمر دولي للشرق الأوسط. ولكن يبدو أن المؤتمر خرج من حيّز بنات الأفكار ودخل حيّز الوجود الفعلي، مع تواريخ «شبه محددة»، وبرمجة لا ينقصها سوى واقعية حضور الولايات المتحدة، التي بحسب مصدر مقرّب من ملف الشرق الأوسط في باريس، «لا تزال في طور رسم سياستها للمنطقة».
وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن العمل على قدم وساق لإعداد «ثلاثة مؤتمرات متتالية»، وصولاً إلى محاولة تحقيق «حلم ساركوزي» بحلّ قبل نهاية هذه السنة، كما أعلن في خطابه في شرم الشيخ. وبحسب المصادر، فإن آلية العمل ستنطلق في مرحلتها الأولى من موسكو، في مؤتمر يسعى الجميع لعدم تسميته «أنابوليس ٢»، وستنصبّ جهود المؤتمرين على «إعادة إطلاق مسيرة السلام، وصولاً إلى نتائج ملموسة». ومن المنتظر أن يلتئم المؤتمر، بحسب أكثر من مصدر، «قبل نهاية شهر نيسان على أبعد حد».
أما المرحلة الثانية، فهي إطلاق مؤتمر مخصص «لمفاوضات تقنية» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برعاية اللجنة الرباعية أو ممثّلين عنها، يُعقد في فرنسا، حسب معلومات متقاطعة. ويقول مصدر فرنسي مسؤول، شرط عدم ذكر اسمه، إن الفكرة التي أطلقها ساركوزي بُنيت على أساس وجوب إعادة إطلاق المسيرة السياسية، وإلا «فإن عملية غزّة يمكن أن تتجدد كل ستة أشهر»، مضيفاً أنه «لا يمكن العودة إلى الوراء».
وبعدما نفى المصدر أن «تكون نتائج مؤتمر شرم الشيخ هي المحفّز على بثّ الحياة في المسيرة السياسية»، ردّ على الذين يشيرون إلى «معالجة مالية فقط للمسألة الفلسطينية» بالقول إن «باريس كانت دائماً مع إطلاق خطوات لحلّ سياسي مبني على أساس دولتين».
ورغم عدم تأكيد أيّ مصدر مكان الانعقاد، إلا أنه من غير المستبعد أن يكون في «سيل سان كلو» أو في قصر رامبويه.
أما المرحلة الثالثة، فمن المتوقع أن تكون في واشنطن تحت عنوان «تحقيق الالتزامات السياسية»، التي يمكن أن يكون قد توصّل إليها المؤتمرون في المرحلة الثانية في فرنسا. إلا أن بعض المراقبين يرون أن تنفيذ هذه الآلية، لتظل ضمن الواقعية السياسية، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار رأي «حكومة إسرائيلية لم تؤلّف حتى الآن». كما أن مقاطعة «حماس» السياسية لا تنمّ إلا عن إعادة تكرار للأخطاء السابقة، التي أوصلت إلى ما تريد أن تتجنّبه الدبلوماسية الفرنسية.
ولكن يمكن القول إن تغييراً طفيفاً قد طرأ على مطالب باريس السياسية من «حماس»، إذ إن المقولة الجديدة لأكثر من دبلوماسي مطّلع على هذا الملف تشير فقط إلى مطالبة «حماس» «بالموافقة على المبادرة العربية».