بعد ثلاثة وأربعين عاماً على «حركة الجنرال ديغول»، عادت فرنسا إلى حلفائها، إلى المظلة الأطلسية، لكنّها عودة لا تُلغي معارضيها الذين يجدونها «ارتماءً في حضن واشنطن»
باريس ــ الأخبار
أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أمس، عودة باريس إلى حلف شمالي الأطلسي من أجل «مصلحة فرنسا وأوروبا». وقال في خطاب ألقاه في المدرسة العسكرية في العاصمة، «حان الوقت لإنهاء هذا الوضع، لأنه يمثّل مصلحة لفرنسا وأوروبا». وأضاف «في نهاية هذا المسار الطويل، ستكون فرنسا أكثر قوة وتأثيراً». وتساءل: «لماذا؟ لأن الغائبين دائماً على خطأ، لأن على فرنسا أن تشارك في القيادة، ولأن علينا أن نكون في المكان الذي تتخذ فيه القرارات والمعايير، بدلاً من الانتظار في الخارج إلى أن نبلّغ بها».
وأشار ساركوزي إلى أنه «مع دخولنا إلى الحلف، سيكون لنا موقعنا بين القيادات الحليفة الكبرى». وشدّد على «أننا سنحافظ على قوتنا الردعية النووية المستقلة».
ورحّبت قيادة الأطلسي، على لسان أمينها العام ياب دي هوب شيفر، بالعودة الفرنسية، وقال «المسألة الآن في يد البرلمان الفرنسي ليقرر، لكنّ الرئيس أوضح أنّ العملية التي ستقود فرنسا لاستعادة موقعها الكامل وصلت إلى المرحلة الأخيرة».
وركّزت الحملة الترويجية لفريق ساركوزي للعودة إلى الأطلسي على أن «فرنسا تشارك في ٣٨ من قيادات الأطلسي الـ٤٠ »، وأنها بعودتها ستشارك فقط في قيادة واحدة وتتسلّم قيادة الاستراتيجية في نورفلوك في الولايات المتحدة، إضافة إلى قيادة مركز لشبونة الأطلسي. لكنّ المعارضة أجابت بأن واشنطن لم تقدّم كما وعدت الرئيس السابق، جاك شيراك، «قيادة في المتوسط».
ولا يمكن ساركوزي أن ينكر وجود تلك المعارضة المتصاعدة، وأكثر ما تتخوف منه هذه القوى هو أن تتحول فرنسا إلى «أداة في مغامرات واشنطن العسكرية». وتنتقد زعيمة المعارضة الاشتراكية مارتين أوبري الروابط الوثيقة التي تجمع ساركوزي بواشنطن، فتقول «لا شيء يبرر اليوم العودة إلى القيادة العسكرية لحلف الأطلسي»، مضيفةً «ليس هناك ما هو عاجل، ولا حاجة مبدئية، باستثناء هذه الأطلسية التي أصبحت إيديولوجية».
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 53 في المئة من المواطنين يؤيّدون هذه العودة، بينما يعارضها فقط 26 في المئة، ولا يبدي ٢١ في المئة أي رأي في الموضوع، وهو رقم مرتفع حسب أكثر من خبير. وهذا ربما يفسر أن ساركوزي لم يجرؤ على إجراء استفتاء بشأن هذا الأمر. كما يرى البعض أن هذه «الأكثرية البسيطة» تمثّل عدداً كبيراً من الذين «لا يزالون يرون أن الأطلسي حليف لفرنسا يحميها ولم ينتبهوا إلى أنها يمكن أن تذوب في الحلف».
ولحسم المسألة، قررت الحكومة طرح الأمر على التصويت في البرلمان مربوطاً بطرح الثقة في الحكومة، في محاولة لمنع نواب من الأكثرية من التصويت مع اليسار والوسط وإحراج الرئيس.