موسكو ــ حبيب فوعانيلاقت رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما ترحيباً روسياً على لسان نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، الذي اعتبر سعي واشنطن للتوصل إلى «اتفاق مع طهران في الميدان السياسي الدبلوماسي الطريق الأمثل لتبديد قلق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من تنفيذ إيران برنامجها النووي».
وكان نائب رئيس الوزراء، سيرغي إيفانوف، قد أبدى الشهر الماضي استعداد بلاده للتوسط بين طهران وواشنطن. إلا أن الإدارة الأميركية الجديدة لم تتعامل حتى الآن مع موسكو كوسيط محتمل بين واشنطن وطهران، بل على الأرجح كشريك محتمل للولايات المتحدة والدول الأخرى في التسوية.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إن بلادها «ستستخدم الدبلوماسية للرد على القلق الأميركي لطموح إيران لامتلاك السلاح النووي»، وستشمل هذه الجهود «الشراكة مع روسيا». غير أنها لمّحت مطلع الشهر الجاري في جنيف إلى «استعداد واشنطن لاتخاذ خطوات أكثر تشدداً لجعل إيران مجبرة على التخلي عن امتلاك السلاح النووي وإيقاف مساندتها لإرهاب حلفائها مثل حزب الله وحماس».
وكانت تسريبات إعلامية قد لوّحت في الأسابيع الأخيرة إلى صفقة مقايضة روسية ـــــ أميركية، يتم بموجبها تنازل واشنطن عن نشر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، في مقابل المساعدة الروسية بشأن الملف الإيراني.
وتعتقد القيادة الروسية أن مساندة الولايات المتحدة في الشأن الإيراني غير مربحة لها، إذ تهدد بفقدانها قسماً مهماً من رأسمالها السياسي في العلاقات مع دول الشرقين الأدنى والأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى. لذا، هي تريد حل قضية الدرع الصاروخية في إطار الاقتراح الأميركي بخفض الترسانة النووية الصاروخية لكلا البلدين.
ويرى الكرملين أن الحصول على وعد من الإدارة الأميركية بعدم نشر الدرع الصاروخية ليس بديلاً مساوياً للمباحثات حول نظام الأمن في أوروبا، لأن ظهور القواعد الأميركية على أراضي أعضاء حلف الأطلسي الجدد مثل بلغاريا ورومانيا لا يقل خطراً عن نشر المنظومة في أوروبا الشرقية. لذا، فإن القضيتين يجب أن تبحثهما موسكو وواشنطن في إطار مجموعة قضايا أخرى؛ وهي الملف الإيراني الذي يفترض أن يبحث في إطار قضايا الشرق الأوسط وأفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وحوض بحر قزوين وآسيا الوسطى. أما قضية الدرع الصاروخية، فيجب، برأي موسكو، أن تبحث في إطار نظام الأمن الأوروبي والعالمي.
وفي السياق، أعرب الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، أمس، عن أمله في أن تشهد العلاقات الروسية ـــــ الأميركية «انطلاقة من نقطة الصفر» خلال لقائه المرتقب بنظيره الأميركي مطلع الشهر المقبل. وأضاف، إثر استقباله في الكرملين وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، «نعوّل على عودة كهذه إلى نقطة الصفر ونأمل حصولها».