أرنست خوريهل ارتكب الرئيس التركي عبد الله غول «الخطيئة الكبرى» ولفظ عبارة «كردستان» بدل «الإدارة الإقليمية في شمال العراق» خلال زيارته التي دامت يومين إلى بغداد؟ هذا ما تؤكّده وسائل إعلام تركية وينكره الرئيس.
وقد نشرت معظم الصحف والتلفزيونات التركية في اليومين الماضيين أخباراً وتقارير تؤكّد أنّ غول استخدم مصطلح «كردستان» في اجتماعاته في بغداد، أكان مع المسؤولين العرب، أم حتى خلال لقائه رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان البرزاني، كاسراً بذلك العرف الذي لم يُخرق إلا نادراً منذ 1991، في تسمية منطقة الأكراد في العراق بـ«الإدارة الإقليمية في شمال العراق».
قد يكون الخبر تفصيلاً في أي مكان في العالم، إلا في تركيا، حيث لا يزال التلميح بقرب اعتراف أنقرة بكيان مستقل أو شبه مستقل للأكراد، من المحظورات إذا كان يتضمّن كلمة كردستان. كل ذلك رغم أنّ الخطوات التركية نحو تطبيع العلاقات مع حكومة الإقليم، باتت تجري فوق الطاولة وعلناً ومن دون خجل لـ4 أسباب على الأقل:
ـــــ الدستور العراقي يشرع وجودها. ـــــ واقع الأمور يحتّم عليها ذلك، وخصوصاً إذا كان الأتراك جادّين في حلم القضاء على حزب العمال الكردستاني، ولا سيما أنّ أربيل ستستضيف قريباً مؤتمراً كردياً يعوّل عليه حكام أنقرة الكثير للضغط على حزب عبد الله أوجلان حتى يستسلم. ـــــ لأن الأتراك يبيعون بضاعة من كل الأنواع لسكان الإقليم العراقي الشمالي، تقدّر بأكثر من 4 مليارات دولار في السنة. ـــــ لأنّ نفط العراق سيمرّ لا محال في أراضي إقليم كردستان العراق ليصل إلى المصافي التركية.
4 أسباب يبطل مفعولها عامل واحد: الرعب المزمن من أن تصل العدوى إلى أكراد تركيا، فيطالبوا بحكم ذاتي إقليمي مشابه في جنوب شرق البلاد.
وفور عودته من بغداد، كان على غول الإجابة من المطار عن الأسئلة المحرجة التي واجهها بإنكار استعمال هذا المصطلح. وقال «لم أستعمل المصطلح الذي ذكرتموه (كردستان). على أي حال، هناك إدارة إقليمية للأكراد في شمال العراق بموجب الدستور العراقي وأرى أن لقائي برئيس حكومة هذا الإقليم من الأمور الطبيعية التي تحصل في العلاقات الدبلوماسية».
ولم يقنع تكذيب غول كثيرين في بلاده، وخصوصاً أن لقاءه بالبرزاني لم يكن خطوة مستحبّة أيضاً.
لا شكّ في أنّ توقيت هذا النقاش الداخلي ليس في مصلحة حزب غول، «العدالة والتنمية»، الذي يخوض انتخابات البلديات بعد يومين. انتخابات تنحصر المواجهة فيها في بقع محددة، وخصوصاً في مناطق الأكراد، مع استمرار تفوّق شعبيته على جميع خصومه على المستوى الوطني. وبات التحدي ينحصر في أن تتخطى أصوات مرشحي الحزب الحاكم، عتبة الـ46,7 في المئة التي نالها في انتخابات عام 2007.