موسكو ــ حبيب فوعانييمكن وصف زيارة الرئيس الكوبي راوول كاسترو إلى روسيا، بعد ما يقارب ربع قرن من الغياب، بالناجحة للطرفين، على الرغم من أنها لم تنته بعد. إذ إضافةً إلى الكافيار الأسود والخبز الأسمر، اللذين حلم الزعيم الكوبي على مدى 24 عاماً بتناولهما في روسيا، فقد حصل لبلاده من موسكو على 100 ألف طن من الحبوب هبة مجانية، وقرض قدرته المصادر الرسمية بـ20 مليون دولار، ربما لعدم إثارة بعض الأقلام «الليبرالية»، التي بدأت تكتب أن موسكو تطعم هافانا، فيما قدّرته صحيفة «كوميرسانت» الروسية بـ250 مليون دولار، ستُصرف على تمويل إمداد كوبا بمعدات البناء والتقنيات الزراعية والحافلات.
وإضافة إلى مذكرة مبادئ التعاون الاستراتيجي بين البلدين، وقّع الطرفان اتفاقيات إقراض بين «بنك التنمية» الوطني الروسي وشركة «استيراد الطائرات» الكوبية، لتمويل توريد طائرة «تو- مئتان وأربعة» الروسية، وكذلك اتفاقية بشأن التعاون بين شركة «كاماز» للشاحنات الروسية وشركة «تراديكس» الكوبية.
كما وقّع الطرفان اتفاقيات بشأن إقامة مشاريع مشتركة في مجال إنتاج الخامات الهيدروكربونية والطاقة الكهربائية. وتحدثا عن السعي للوصول بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
ومن الجانب الروسي، تعدّ زيارة كاسترو ناجحة أيضاً، نظراً لما ستقدمه كوبا من تسهيلات إلى الشركات الروسية للاستثمار في الجزيرة. وعلامات عودة علاقات التحالف القديمة بين الاتحاد السوفياتي وكوبا تبرز من جديد.
ويمكن أيضاً وضع الزيارة في خانة تغلغل روسيا في أميركا اللاتينية ومنطقة حوض الكاريبي، وإيجاد موطئ قدم لها هناك. فقد مثّل توطيد علاقات موسكو مع هافانا وقبلها مع كاراكاس واشتراك القطع البحرية الروسية في مناورات في هذه المنطقة، تحدياً كبيراً ورسالة ذات مغزى إلى الإدارة الأميركية الجديدة.
ويرى مراقبون أن موسكو ترد بذلك، على سعي واشنطن الدائم للتضييق على روسيا وإنشاء قواعد عسكرية أميركية لشد الطوق عليها، ما سيعزز من توجهها إلى الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
ولذلك تثير هذه الزيارة القلق في الغرب، ويعرب المحللون عن خشيتهم من تنفيس الضغوط، التي تمارسها واشنطن وبروكسل على هافانا، ومن استعادة موسكو لمواقعها، التي شغلها الاتحاد السوفياتي في جزيرة الحرية.
وفي السياق، أعربت صحيفة «كوريرا دي لا سيرا» الإيطالية، عن قلقها من أن تعود موسكو لممارسة الضغوط على هافانا، حين اتهمت فيديل كاسترو بخيانة وخذل رفيق دربه تشي غيفارا، وذلك «بإيعاز من القيادة السوفاتية التي عدّت غيفارا خطراً كبيراً على استراتيجيتها الأممية»، متهمة الحزب الشيوعي البوليفي بعدم مساندة غيفارا آنذاك تنفيذا لأوامر روسيا.