«إسرائيل وسوريا كانتا قريبتين جدّاً من الشروع في إجراء محادثات سلام مباشرة بشأن مستقبل الجولان»واشنطن ــ محمد سعيد
شدّد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، في مقابلة مع مجلة «نيوزويك» الأميركية، نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» أمس، على أن انتقاداته لسياسات إسرائيل في دافوس ليست انعكاساً لتوترات تركية إسرائيلية سابقة أو بسبب معاداته للسامية، مؤكداً أنها ناجمة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وقال «إحباطي حالياً من الحكومة الإسرائيلية لأنها لا تتصرف معنا بنزاهة، وكل ما نقوله هو ضد الحكومة الإسرائيلية الحالية ولا شي ضد اليهود».
وعن احتمال وجود دور عسكري لتركيا في قطاع غزة، نفى أردوغان وجود أي نية لدى تركيا للمشاركة في أي قوة لحفظ السلام في القطاع. ورأى «أن إرسال قوات أمنية سيكون خطأً كبيراً بالنسبة إلينا»، مشيراً إلى إمكان اضطلاع الجنود الأتراك بدور المراقبين.
كما جدد أردوغان انتقاداته اللاذعة للسياسة التي تنتهجها إسرائيل حيال حركة «حماس». وقال إنه عندما «عرض التوسط في المفاوضات الرامية إلى إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، ضرورة إطلاق إسرائيل سراح رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك وأعضاء المجلس الذين تعتقلهم، فور إطلاق سراح شاليط».
ورداً على سؤال عن العلاقات بين تركيا وإسرائيل، قال أردوغان إن «هناك علاقة جادة تربط تركيا بإسرائيل، لكن الحكومة الإسرائيلية الحالية يجب أن تراجع نفسها بشأن العلاقة». وأضاف «يجب ألّا يستغل الإسرائيليون هذه القضية لمصلحة الانتخابات المقبلة» في الدولة العبريّة.
وعن علاقة أنقرة بحركة «حماس»، قال أردوغان «أوّلاً إن حماس ليست ذراعاً إيرانية. لقد دخلت حماس الانتخابات كحزب سياسي وفازت، ولم يحترم العالم الإرادة السياسية للشعب الفلسطيني، ونحن (العالم) من ناحية ندافع عن الديموقراطية ونحاول بذل قصارى جهدنا للحفاظ عليها في الشرق الأوسط، ولكن من ناحية أخرى، لا نحترم نتائج صناديق الاقتراع». كما رأى أن «فلسطين أصبحت اليوم سجناً مفتوحاً، وحماس بقدر ما حاولت، لم تتمكن من تغيير الوضع، فتخيل أنك تزج في السجن المتحدث باسم دولة، إضافة إلى بعض وزراء حكومتها وأعضاء برلمانها، هل تتوقع منهم بعد ذلك أن يبقوا صاغرين؟».
وقال أردوغان «إنني لا أقول إن حماس منظمة جيدة، وإنها لا تقترف أخطاء، لقد اقترفت أخطاءً ولكنني أقوّم النتيجة النهائية»، مشيراً إلى أن «إسرائيل لم تتكلّف أي خسائر في الأرواح منذ وقف إطلاق النار في حزيران 2008، فيما قتل أكثر من 1300 فلسطيني منذ 27 كانون الأول الماضي وأصيب 6000 آخرون، ولم تترك أي بنية تحتية أو مبانٍ، فقد لحق الدمار بكل شيء، وأصبحت غزة حطاماً كاملاً وكلها تحت الحصار، واتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً فيما أعلنت إسرائيل أنها لا تعترف بهذا القرار».
وعن المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة التي رعتها تركيا، قال أردوغان إن «إسرائيل وسوريا كانتا قريبتين جداً من الشروع في إجراء محادثات سلام مباشرة بشأن مستقبل الجولان قبل أربعة أيام فقط من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة». وأضاف «كنا نحاول أن نكون بمثابة الأمل لإسرائيل». ونقل عن أولمرت قوله له، خلال اللقاء الذي جمعه به ليلة 23 كانون الأول، «فور عودتي سأجري مشاورات مع زملائي وأعود إليكم». وتابع أردوغان «في الوقت الذي كنت فيه في انتظار رده في 27 كانون الأول، بدأت القنابل تنهمر على قطاع غزة».
كما كشف رئيس الوزراء التركي عن أنه رتّب اجتماعاً سرياً في إسطنبول قبل عامين وعلى مدى يومين بين وزيري خارجية إسرائيل وباكستان التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع تل أبيب. وعمّا يتوقعه من الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما إزاء اتخاذ موقف متوازن تجاه الصراع العربي ـــ الإسرائيلي، قال أردوغان «إن العدالة غير موجودة الآن وأتوقع العدالة من الآن فصاعداً».
وفي سياق تواصل ردود الفعل المرحبة بتصرف أردوغان، أشاد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بغضب رئيس الوزراء التركي، واصفاً رد فعله بأنه «تصرف بالغ القيمة ... وهو بالضبط ما كنا نتوقعه منه». وقال «إن سلوك النظام الصهيوني يمثّل إهانة للإنسانية... وإني أشكر السيد أردوغان على بادرته».
كما تجمّع حشد من الطلبة الجامعيين وتلاميذ المدارس أمام السفارة التركية في إيران لإعلان دعمهم لخطوة أردوغان، مطالبين مسؤولي الدول الإسلامية الآخرين «بخطوات مشابهة». كما حمل المشاركون الأعلام التركية والفلسطينية، وردّدوا الهتافات الداعمة لأردوغان، واصفين خطوته بالـ«شجاعة»، وأهدوا أيضاً موظفي السفارة باقات الزهور.
كما حيّت الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا موقف أردوغان «المشرّف» وتوجّهت إليه بالقول «إن موقفكم المشرف يمثّل دليلاً على تلاحم الإرادات الشعبية مع الحكومات ويعبّر تعبيراً صادقاً وأميناً عن تطلعات الرأي العام لفضح السلوك الإسرائيلي الشائن».