حصل الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، على حق إعادة الترشح من دون قيود. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّ أداءه سيكون بلا حدود. فعليه استكمال استرجاع الناخبين الذين هجروه، وذلك في ظروف اقتصادية ضاغطة نتيجة انهيار سعر النفط
بول الأشقر
وسط ترحيب وتهنئة الأصدقاء و«الأعداء» بفوز اقتراح الرئيس الفنزويلي لتعديل الدستور بما يسمح له بإعادة الترشح لولاية ثالثة، أشارت آخر نتائج للاستفتاء بعد فرز 99،5 في المئة من الأصوات، إلى أنّ الاقتراع بـ«نعم» جمع 6.3 ملايين صوت، بفارق 1.1مليون صوت عن الاقتراع بـ«لا»، وتخطّت المشاركة عتبة الـ70 في المئة من الناخبين المسجلين.
وفور انتشار خبر الفوز، توالت ردود الفعل وبرقيات التهنئة، فهنأ الرئيس الكولومبي اليميني، ألفارو أوريبي، الذي يبحث أيضاً عن ولاية ثالثة، فنزويلا ورئيسها بـ«الإنجاز الديموقراطي»، فيما عبّرت الولايات المتحدة عن تقديرها لـ«الروح المواطنية» التي ميّزت الاستفتاء، داعيةً إلى تقوية الديموقراطية في غريمتها اللدود، فنزويلا.
وعلى الرغم من خطابه، ليل الانتصار، الذي رأى فيه أنّ كل أصوات الـ«نعم» هي «أصوات لمصلحة الاشتراكية»، فإن الفارق الضيق نسبياً لن يسمح لتشافيز بتجذير خطى الثورة وتسريعها. وبدا واعياً لذلك عندما أكّد نيّته التركيز خلال سنوات الولاية الباقية على المسائل الأساسية التي يشتكي منها المواطن، موالياً كان أو معارضاً، مثل الأمن والفساد والبذخ والتضخم والبيروقراطية.
ورأت الباحثة، مارغاريتا لوبيز مايا، أن المهمة لن تكون بهذه السهولة لأنّ «تشافيز الثاني ارتدّ على إنجازات تشافيز الأول. فالأول فتح باب الديموقراطية التشاركية، وللثاني مشروع شبه خاص. الأوّل وضع أسس دستور تقدّمي وإبداع اجتماعي، أما الثاني فقد تعرّض للدستور نفسه وكافأ الأزلام».
أما المعارضة، فتُراهن على تقدّمها النسبي في الاستفتاء الأخير معطوفاً على آثار انهيار أسعار النفط لتتحوّل في رئاسيات عام 2012 إلى أكثرية. وترى في الانتخابات النيابية السنة المقبلة محطة أساسية لترسيخ تقدّمها، ولا سيما أنّ نتائج الاستفتاء دلّت على وجود تطابق بين نتائج الانتخابات المناطقية قبل أشهر ونتائج الاستفتاء. وأول تحدّ مطروح عليها، هو القيام بإدارات ناجحة في المحافظات التي استولت عليها من دون المسّ بالمكتسبات الاجتماعية.
ومن المرجح أن تنال المعارضة حصّة لا يُستهان بها في المجلس النيابي المقبل. ويبقى عليها أن تنجح في السنوات المقبلة في ابتكار أدوات العمل التي تسمح لها بتقديم طموحاتها بديلاً. وهذا ما عبّر عنه بوضوح الناخب المعارض، توليو رودريغيز، يوم الاستفتاء «أنا معارض لهذه الثورة التشافية، ولكن على الأقل هم لديهم زعيم ومشروع. أما نحن فليس لدينا لا هذا ولا ذاك».
أما مفتاح المعادلة فهو سعر برميل النفط. فمنذ ما قبل تشافيز وحتى اليوم، يمثل النفط 95 في المئة من صادرات البلاد. وفي سنواته الخمس الأولى عرف سعراً مستقراً، وفي السنوات الخمس التالية ارتفع سعره بصورة مضطردة حتى انهياره المستمر منذ تموز الماضي.
لكن ليس لمشكلة سعر النفط الطابع الدراماتيكي الآني الذي توحي به المعارضة، فاحتياط المصرف المركزي مرتفع بعد سنوات البحبوحة، والنفط كفيل بضخّ سيولة في التعامل التجاري. إنما المشكلة تكمن في أنّها قد تؤدي على الأمد القريب والمتوسط، وخصوصاً إذا تعمّقت الأزمة العالمية، إلى ارتفاع البطالة وزيادة التضخم وربما انخفاض قيمة العملة، وكلها أمور تنخر أسس النظام البوليفاري وقاعدته الاجتماعية.