لم تعش الفكرة الفرنسية لتنظيم مؤتمر دولي للشرق الأوسط طويلاً. أبرز الأسباب: عودة الدبلوماسية الأميركية إلى الساحة مع باراك أوباما، وعدم الرغبة بإغاظة موسكو
باريس ــ بسّام الطيارة
تجري رياح تنظيم مؤتمر دولي للشرق الأوسط بما لا تشتهيه سفن الدبلوماسية الفرنسية هذه الأيام، وخصوصاً وسط صمت تشيكي «ذي معانٍ»، وعودة الدبلوماسية الأميركية على موجة مصبوغة بـ«ظاهرة باراك أوباما» المعولمة.
ويبقى السؤال الراهن: هل فكرة تنظيم مؤتمر دولي للسلام لا تزال قابلة للتطبيق، أم أنها دُفنت فقط بعد أيام من إعلانها، بمجرد عودة الدبلوماسية الأميركية إلى الساحة العالمية؟
يقول مسؤول أوروبي إنّ الدبلوماسيتين الفرنسية والأوروبية تولّدان فقط «هواءً وأفكاراً»، وإن المؤتمر المذكور «لا وجود له إلا في خانة الآمال». وحين تسأله عما آل إليه «الاتحاد من أجل المتوسط»، يسهب في الضحك، قبل أن يتساءل عمّا إذا كان لا يزال هناك من يتذكّر وجود هذا الاتحاد.
ويشير الدبلوماسي نفسه إلى أن التوافق الأوروبي غير موجود حالياً، رغم زيارة كبار زعماء أوروبا شرم الشيخ لحضور القمّة الدوليّة حول غزّة يوم الأحد الماضي. تضعضع أوروبي يجعل من تنظيم أي مؤمر مقبل «فكرة غير قابلة للتنفيذ»، وخصوصاً بعد تسريب خبر تردّد المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في الموافقة على المشاركة في اللقاء المزعوم.
لكن يبدو أن «عودة الحياة» إلى الدبلوماسية الأميركية قد خفّفت بالفعل من اندفاع الدبلوماسية الفرنسية في شأن «الدعوة» لتنظيم المؤتمر الدولي حول الشرق الأوسط. كل ذلك، رغم أنّ لقاءً عُقد للغاية نفسها في الأمس، في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، تحضيراً للقاء موسّع يوم الأحد المقبل يجمع مسؤولين أوروبيين مع أطراف عربية في العاصمة البلجيكية.
وقد علمت «الأخبار» أن لقاءً ثالثاً قد ينظم أيضاً يوم الاثنين، تنحصر أهدافه في «تقويم حصيلة اللقاءين السابقين». اجتماع لم تستبعد بعض المصادر أن تشارك فيه وزيرة الخارجية الأميركيّة، هيلاري كلينتون.
وبحسب عدد من المراقبين، فإن الإدارة الأميركية الجديدة، تريد أن «تتعامل مع هذا الملف ببرودة»، تجنّباً للسقوط في «الاستعراضية الساركوزية». ومن جهة أخرى، فإن الطرح الفرنسي لمبادرة مؤتمر دولي، لم يأخذ في الاعتبار «مؤتمر موسكو» للسلام، الذي لم يعلن أحداً دفنه، رغم أنه يبقى بعيداً عن التناول الإعلامي. معطى يدفع دبلوماسياً عربياً إلى الجزم بأن الإدارة الجديدة في واشنطن، لا تريد أن تبدأ عهدها بإحراج موسكو.
ويبدو أن تطور الموقف الفرنسي من حركة «حماس»، الذي بات لا يعترض على مشاركتها في حكومة وحدة وطنية فلسطينية، «بمجرد قبولها العمل مع منظمة التحرير»، هو محاولة استباقيّة لحشر الدبلوماسية الأميركية، ضمن سياق «الحوار مع جميع الأطراف».
ويعترف أكثر من مسؤول فرنسي بأن تصنيف «حماس» على لائحة الإرهاب، «كان خطأً» يجب إصلاحه بأسرع وقت ممكن.
في المقابل، جزم دبلوماسي فرنسي أمس بأن إعادة إرسال مراقبين أوروبيين إلى معبر رفح، وتزويدهم بما يحتاجون إليه، يعتمد على نتائج المحادثات التي سيجريها وفدا «حماس» والسلطة الفلسطينية مع المسؤولين المصريين في القاهرة اليوم، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد لـ«نشر مراقبين على حدود غزة إذا وافقت مصر وإسرائيل» على ذلك. وعن الدول الأخرى التي تنوي المشاركة في هذه القوة الدولية، عدّد الدبلوماسي الفرنسي البرازيل وتركيا.
أما بشأن الأسطول البحري لقوات «اليونيفيل»، واحتمال تكليفه مهمة مراقبة سواحل غزة، فقد نفى الدبلوماسي نفسه نهائياً هذا الاحتمال، مفسّراً ذكر «اليونيفيل» من البعض بأنه جاء فقط لإعطاء مثال عن وجود «قوة بحريّة أوروبية في شرق البحر المتوسط». ولم ينسَ الدبلوماسي أن يذكّر بأن «اليونيفيل» تحمل تكليفاً أممياً، «لا يمكن أن يسري على شواطئ أخرى إلا بقرار من مجلس الأمن».