كان فيديل كاسترو، شأن الكثيرين، متفائلاً بباراك أوباما، الشاب الأسود الذي خرج من بين الفقراء. لكن أمام جريمة غزة ودعم واشنطن لها، سقط «الصديق أوباما»بعد سيل من الثناء والتفاؤل، أطلق الزعيم الكوبي، فيدل كاسترو، أول من أمس، إدانته الأولى للرئيس الأميركي الجديد، باراك أوباما، متهّماً إياه باتّباع مسيرة سلفه جورج بوش بدعم «الإبادة الجماعية التي ترتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني».
وهاجم كاسترو أوباما لاستمراره في السياسات السابقة لبوش ولإلقائه الدعم غير المحدود لإسرائيل. وقال إنها «الطريقة التي سقط بها صديقنا أوباما في المشاركة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين».
وسلّط الزعيم الكوبي الضوء على البيان الذي أصدرته حكومة أوباما، وأكّدت فيه دعمها للدولة العبرية. وأعاد، في مقاله، نشر بيان وزارة الخارجية الأميركية التي أعلنت فيه أن «التزام الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط يجب أن يستند إلى أمن إسرائيل، أقوى حليف لأميركا في الشرق الأوسط». وبحسب البيان، فإن أوباما ونائبه، جوزيف بايدن، «أبديا دعمها لهذه المقاربة، مؤكّدين أن الولايات المتحدة لن تبعد نفسها أبداً عن إسرائيل».
وقال كاسترو، في المقالة التي نُشرت على الموقع الإلكتروني cubadebate.cu، تحت عنوان «حل شفرة أفكار رئيس الولايات المتحدة الجديد»، إنّ الإدارة الأميركية مكّنت إسرائيل من أن تصبح «قوة نووية مهمة»، ثم تابعت تقويتها بالقوة العسكرية كي تتمكن من تهديد كل شعوب الدول الإسلامية بالعنف المتطرف.
كما انتقد كاسترو أوباما لأنّه اقترح أن تقوم هافانا بالاعتراف بإيجار غوانتنامو أولاً قبل أن تنظر واشنطن في أمر إرجاع القاعدة البحرية الأميركية على خليج غوانتنامو، التي استأجرتها الولايات المتحدة لأجل غير مسمى عام 1903 بعد احتلالها لكوبا عام 1898 خلال الحرب الإسبانية ـــ الأميركية. وأكّد أن وجود القاعدة العسكرية الأميركية على الأراضي الكوبية «ضدّ إرادة شعبنا، ويخرق المبادئ الأساسية للقانون الدولي»، معتبراً أنّ «عدم احترام إرادة كوبا عمل متغطرس وإساءة استخدام لقوة هائلة ضدّ بلد صغير».
وأشار كاسترو إلى أنّ أوباما يطالب «بالتغيير في النظام السياسي الشيوعي لكوبا»، مضيفاً إنه «الثمن الذي قاتلت كوبا ضدّ دفعه على مدى أكثر من نصف قرن».
واتسم تعليق كاسترو بلهجة حادّة، لا تشبه بتاتاً تلك اللغة الدافئة التي رحّب خلالها بانتخاب أوباما. فقد قالت رئيسة الأرجنتين، كريستينا كيرشنير، بعد لقائها الأخير مع كاسترو منذ نحو أسبوعين، «أخبرني أنّ أوباما ليس لديه فقط خلفية جيدة كقائد سياسي، بل كان يبدو صادقاً».
في هذا الوقت، أعطت روسيا وكوبا زخماً لعلاقاتهما الثنائية التي شهدت فتوراً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وذلك بتوقيعهما الجمعة في الكرملين «شراكة استراتيجية» في اليوم الثالث من زيارة الرئيس الكوبي.
وقال الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، في مستهل محادثاته مع نظيره الكوبي راوول كاسترو، «أعتقد أن زيارتكم ستفتح صفحة جديدة في تاريخ علاقات الصداقة الروسية الكوبية» التي سترقى إلى «مستوى استراتيجي».
ورد عليه كاسترو بالقول «نحن الأصدقاء منذ وقت طويل، نمر بلحظة تاريخية وبمرحلة مهمة جداً في علاقات روسيا وكوبا»، متحدثاً أيضاً عن شراكة «استراتيجية». وأضاف «خطونا في الجانب الكوبي خطوة كبيرة لتعزيز علاقاتنا» مع موسكو، مؤكداً «أننا قمنا بتلك الخطوة بهدوء لكن بكل فعالية وفي جميع الاتجاهات».
ووقّع الرئيسان عقب محادثاتهما «بروتوكول اتفاق بشأن تعاون استراتيجي» شامل. كما وقّعا سلسلة اتفاقات ينص أحدها على أن تمنح موسكو هافانا قرضاً لم تحدد قيمته.
وتعدّ زيارة كاسترو الأولى التي يقوم بها رئيس كوبي لروسيا منذ أكثر من عشرين عاماً. وكانت روسيا قد قررت عام 2006 تجميد مسألة الديون الكوبية الشائكة المستحقة في عهد الاتحاد السوفياتي، التي تبلغ قيمتها أكثر من عشرين مليار دولار، بحسب موسكو.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)