تهيمن ثلاثة ملفات رئيسية على القمة الأخيرة التي يعقدها الاتحاد الأوروبي خلال عام 2008، إذ يسعى نيكولا ساركوزي إلى قرارات في مجال الدفاع والاقتصاد والبيئة، لتكون تخليداً لرئاسته الدوريّة للاتحاد
بروكسل ــ بسّام الطيارة
بدأت، أمس، في بروكسل آخر قمة أوروبية يرأسها نيكولا ساركوزي قبل أن تنتقل الرئاسة الدورية إلى تشيكيا. ورغم التشديد على مسألة المناخ والضغوط التي رافقت وترافق آخر المباحثات حول توزيع «حصص خفض الانبعاثات الكربونية» وانعكاساتها على اقتصادات الدول السبع والعشرين، إلا أن عدداً من الملفات سيكون محور المناقشات في هذه الفترة الحاسمة من حياة الاتحاد الأوروبي، في ظل تعليق اتفاقية برشلونة التي تنظم حياته بسبب رفض بعض الدول لها.
ورغم أن التشديد الصحافي يسلط الأضواء على رفض إيرلندا للدستور الأوروبي الجديد بعد استفتاء شعبي، إلا أن القلق يزداد عند مقاربة موقف تشيكيا، الرئيس المقبل للاتحاد، والتي لم يصدّق برلمانها حتى اليوم على المعاهدة. يضاف إلى ذلك الشعور العام بالفراغ الذي سيتركه ساركوزي بعد «الديناميكية» التي صبغ بها رئاسته للاتحاد بمساعدة الظروف، وفي مقدمها الأزمة المالية وحرب جورجيا. كما أن هناك شعوراً بالقلق من أن «دولة صغيرة جديدة على الاتحاد» (تشيكيا) سوف تمسك بمقاليده، وهي تبدو «غير مقتنعة بالفلسفة الأوروبية».
في ظل هذه الأجواء، تسعى باريس إلى تحميل القمة عدداً من القرارات. وعلمت «الأخبار» من مصادر الرئاسة الفرنسية أن ثلاثة ملفات كبرى سيتم تداولها أساساً وهي:
١ــ الدفاع الأوروبي.
٢ــ برنامج الإنقاذ الاقتصادي المالي وتداعياته.
٣ــ الخطة من أجل المناخ.
وفي ما يتعلق بسياسة الدفاع، ذكرت المصادر أنه تم التوافق على عدد من الخطوات الأساسية، منها برنامج أوروبي مشترك لمنع المجموعات الإرهابية من استخدام شبكة الإنترنت، إضافة إلى إنشاء مركز لمحاربة تجارة المخدرات وشبكات الاتجار بها. كذلك تقرر المضي بمشروع محاربة انتشار التسلح والحد من تجارته خارج الأطر الحكومية.
كما أعلن مصدر مقرب من الإليزيه أن الاتحاد سوف يتبنى مشروع ساركوزي بإنشاء «صندوق للوقود النووي» تخصص له ميزانية تبلغ ٢٥ مليون يورو بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الدولية. وكشف أيضاً أنه سيتم الإعلان بنتيجة القمة عن إنشاء مجموعة أوروبية للصناعات الدفاعية يتم تمويل أبحاثها بتخصيص ٢ في المئة من المدخول العام لكل دول الاتحاد، مشدداً على رغبة الدول بتطوير البحث والتنمية في مجال معدات الدفاع وتقنياته.
وأكدت المصادر في الشق الاقتصادي أن «ممانعة ألمانيا» لبرامج «دعم الشركات والمصارف المتعثرة» قد تراجعت، بعدما رفعت المفوضية الأوروبية اعتراضاتها على خطة ساركوزي التي تقضي بتخصيص ٢٠٠ مليار يورو لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي.
إلا أن الخوف سوف يكون من «عدم الاتفاق على مسألة المناخ»، رغم أن المصادر الرئاسية الفرنسية تؤكد أن «٩٠ في المئة من الاتفاق قد أنجز». فقبل توجه الوفود إلى بروكسل، بدأت تتزايد المطالب الوطنية حول الخطة مع موجة تهديدات ألمانية بعد «تدفيع صناعتها ثمن الحد من الانبعاث الحراري»، إلى جانب خطوط حمر إيطالية تطالب بحماية الصناعات التحويلية ومطالب بولندية يصعب التجاوب معها، وخصوصاً أن مجمل إنتاجها للطاقة الكهربائية يعتمد على الفحم الحجرى الأكثر تلويثاً للبيئة. وتطالب وارسو، التي سوف تتأثر بالجهد المطلوب للحدّ من الانبعاثات، بمنحها مزيداً من الوقت والمال حتى تتمكن من تحويل مصانعها بصورة تتوافق مع متطلبات حماية البيئة.
وبحسب بعض التسريبات، فإن الخطة الفرنسية تسعى لإنشاء صندوق تضامن لمساعدة دول أوروبا الشرقية للالتزام بخطط التطوير وتجهيز صناعاتها، وهو ما تعارضه لندن بقوة.
ويريد ساركوزي قبل تسليم الرئاسة تحقيق اتفاق يؤول إلى تنفيذ الالتزام الأوروبي الذي يعود إلى عام ٢٠٠٧، والذي يقضي بحدّ نسبة الانبعاثات بنسبة ٢٠ في المئة قبل عام ٢٠٢٠ مع رفع نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى ٢٠ في المئة، وتوفير في استعمال الطاقة بشكل عام بنسبة ٣٠ في المئة.
ويتفق المراقبون أن حزمة المناخ جزء من حل الأزمة الاقتصادية لأنها ستتيح خلق فرص عمل وتشجيع الاستثمارات وتمكين الاتحاد الأوروبي من الحدّ من الاعتماد على الغاز والبترول المستوردين. ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، تقضي الخطة بإلزام الصناعات الملَوِّثة بشراء «كوتا تلويث»، أي دفع مبلغ مقابل كل طن من انبعاث ثاني أوكسيد الكاربون اعتباراً من عام ٢٠١٣ على أن تعتمد فترة سماح تعفى خلالها الدول الصغيرة.
ويتفق الجميع على أن الاجتماعات ستكون حامية، وخصوصاً وسط معارضة بعض الدول لمبدأ بيع «كوتا التلوث»، إذ تتهم الجمعيات الناشطة المدافعة عن البيئة الخطة بأنها «تسعى لخلق سوق أعمال جديدة» على حساب المناخ وحمايته.


إحباط هجوم على القمّة!

اعتقلت الشرطة القضائية البلجيكية، أمس، 14 شخصاً يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»، بينهم رجل يعتقد أنه كان على وشك تنفيذ عملية انتحارية، كما أعلنت النيابة العامة الفدرالية ورئيس الشرطة القضائية.
وقال النائب العام الفدرالي يوهان ديلمول «لا نعرف أين كان سيقع هذا الاعتداء الانتحاري، كان يمكن أن يكون عملية في باكستان أو أفغانستان، ولكن لا يمكننا أن نستبعد بالكامل إمكان أن تكون بلجيكا أو أوروبا هدفه». وأضاف أنه بحسب آخر المعلومات التي تجمّعت لدى المحققين فإن المتهم «تلقى الضوء الأخضر لتنفيذ عملية اعتبر أنه لن يعود منها، وودّع أقرباءه لأنه كان يريد أن يذهب إلى الجنة وضميره مرتاح».
واضاف النائب العام أن «هذه المعلومات التي تأتي، فيما القمة الأوروبية تعقد في بروكسل، لم تترك خياراً آخر سوى التحرك اليوم (أمس)»، مشيراً إلى أن 242 شرطياً شاركوا في تنفيذ 16 مداهمة في بروكسل ولييج (شرق).
وقالت النيابة الفدرالية إن التحقيق، الذي وصف بأنه «الأهم» حول الإرهاب في بلجيكا، مرتبط بمجموعة إسلاميين بلجيكيين تدرّبوا أو شاركوا في معارك في منطقة أفغانستان وباكستان وعلى علاقة «بأشخاص مهمّين» في القاعدة. وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية على موقعها على الإنترنت نقلاً عن مصادر قضائية لم تحددها أن الهجوم الذي تم إحباطه ربما كان يستهدف قمة لزعماء الاتحاد الأوروبي، التي بدأت أمس وتختتم اليوم في بروكسل. وصرح متحدث باسم الاتحاد الأوروبي بأنه لم تحدث تعديلات على الترتيبات الأمنية الخاصة بالقمة.
(أ ف ب، رويترز)