لا تزال العلاقة الملتبسة بين الرئيس نيكولا ساركوزي ووزير خارجيته برنار كوشنير تحيّر المراقبين. وفي هذه الأيّام، يتولّى كوشنير توجيه رسائل الرئيس المنزعجة من بعض وزراء حكومته
باريس ــ بسّام الطيارة
لا يزال برنار كوشنير الرجل الأكثر شعبية في بلاده رغم ما يصفه البعض بأنه حدة في تصريحاته الخارجة عن مألوف الأدبيات السياسية في عاصمة الأنوار باريس.
عجيب أمر هذه الشعبية. وأكثر منها عجباً أنها لا تستفز الرئيس نيكولا ساركوزي، رغم تسرب أخبار عن «شبه توتر دائم» بينهما. إلا أن تصريحات كوشنير في بعض الأحيان، تتلاءم ــ ولو عن غير قصد ــ مع «رغبات الرئيس» في توجيه رسالة معينة في هذا الاتجاه أو ذاك، كما جرى عندما تحدّث كوشنير «عن الحرب مع إيران». أو في خدمة ساركوزي في «تأنيب» البعض؛ النموذج كان واضحاً عندما وصف رئيس الدبلوماسية الفرنسية قبل أيام إنشاء وزارة لحقوق الإنسان بأنه «خطأ»، لأن تلك الوزارة «تتناقض مع الواقعية في العلاقات بين الدول». «نظرية» رأى فيها البعض رسالة لوزيرة الدولة لحقوق الإنسان راما ياد. وهي ملاحظة ألقت بظلالها على احتفالات مرور ٦٠ عاماً على إطلاق شرعة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
ويرى أكثر من سياسي فرنسي، أن وراء هذا الانتقاد المباشر الموجه إلى ياد، خدمة لساركوزي على خلفية الانتقادات الدائمة التي توجهها الوزيرة إزاء استقبال «بعض زوار» فرنسا. وفي السياق، لا يتوانى المراقبون عن التذكير بأن الوزيرة الشابة السمراء، رفضت حضور حفل استقبال العقيد الليبي معمر القذافي في الصيف الماضي.
غير أنّ ياد فضّلت تجاهل «غضب» الرئيس وانتقادات وزير خارجيته. وبدل الرد عليهما، فهي تفضّل مواصلة عملها في وزارتها، إذ خصّصت كلمتها التي ألقتها في جنوب فرنسا بمناسبة احتفالات الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، للإشارة إلى أن المؤتمر المقبل للأمم المتحدة حول العنصرية، المعتزم عقده في جنيف في نيسان المقبل، «لن يتجاوز الخطوط الحمراء».
خطوط تشير إلى الانقسامات العميقة التي صبغت المؤتمر السابق بشأن معاداة السامية والعبودية، ودفعت حينها بممثلي إسرائيل والولايات المتحدة إلى الانسحاب منه بسبب «اللهجة المعادية لإسرائيل».
وشدّدت ياد على أن فرنسا والاتحاد الأوروبي ينويان القيام بكل ما يمكن لعدم إفشال المؤتمر، من دون أن تنسى التأكيد على أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما «ينوي العودة جدياً» والانخراط في عمل المؤتمر.