«أموال النفط على موائد الإيرانيّين»: نعمة أم نقمة؟طهران ــ محمد شمص
يعتقد معارضو الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن إيران ستواجه منعطفاً خطيراً إذا ما استمرت سياسات الحكومة الحالية بتوزيع أموال النفط على موائد الإيرانيين من دون مشاريع تنموية بعيدة الأمد، مع ارتهان البلاد للصادرات النفطية.
عوامل عديدة تقف وراء ارتفاع نسبة التضخّم إلى ما فوق 23 في المئة، التي تناولها وزير الاقتصاد السابق داوود دانش جعفري، مروراً برئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الشيخ أكبر هاشمي رفسنجاني، وصولاً إلى الخبراء الاقتصاديين الستين في رسالتهم التي بعثوا بها إلى نجاد الأسبوع الماضي، وغيرهم كثيرون، لعلّ أبرزها:
1- توزيع أموال النفط والعملات الأجنبية على الناس بدل استثمارها في مشاريع تنموية مستقبلية.
2- ضخ الكثير من السيولة والأموال العامة في الحركة الاقتصادية اليومية.
3- منح الفقراء قروضاً من دون فوائد.
4- المعالجات الخاطئة في السياسات المصرفية عبر سعي الحكومة لتحويل جميع المصارف إلى مؤسسات تمنح القروض من دون فوائد.
5- الوعود والشعارات التي انعكست سلباً على أسعار العقارات، وتضخماً خيالياً في أسعار الشقق السكنية.
6- العمل على خفض معدلات الفائدة في المصارف.
7- ارتهان الدولة للصادرات النفطية التي بلغت 80 مليار دولار سنوياً من أصل ميزانية تقدّر بحوالى 260 مليار دولار، وذلك خلافاً لخطة التنمية العشرينية التي أقرّها مجلس الشورى.
8- دعم الحكومة للمواد الأولية بمبلغ وصل إلى سبعة مليار دولار سنوياً.
9- التأرجح بين تبنّي سياسة السوق الحرة وبين الاقتصاد المغلق، والإخفاق في خصخصة القطاعات المنتجة.
10- خفض النسبة الضريبية على التجار من 15 إلى 3 في المئة.
11- ضعف الاستثمارات الأجنبية رغم مصادقة مجلس الشورى على قانون لتنظيم فرص الاستثمار للأجانب.
أمام هذه الانتقادات الموجعة، لم يستسلم مستشارو نجاد ومناصروه، بل ما زالوا يعتقدون بأنه في عهد الرئيس أُنجِز الكثير، وحققت حكومته ما لم تستطع تحقيقه الحكومات السابقة. ويذهب هؤلاء أبعد من ذلك، حين يعتقدون بأن إيران في وضع تُحسَد عليه، وأنها «تمرّ في مرحلة ازدهار ونمو»، حسبما يرى رئيس مجلس صيانة الدستور، آية الله أحمد جنتي.
أمّا الإنجازات التي يفاخر نجاد بها أمام العلن، فمنها قوله في محافظة مازندران أول من أمس، إن «22 مليون إيراني تسلّموا حصصهم من أسهم العدالة، ومع نهاية العام الحالي الايراني أي بعد أربعة أشهر تقريباً، ستصل الأسهم إلى 42 مليون مواطن». ويضيف إن حكومته استطاعت خلال السنوات الثلاث الماضية إنهاء مئة مشروع إنمائي في جميع المحافظات. وهي تحدّدت جذور المشاكل والعوائق الاقتصادية من خلال فرق علمية تخصصية.
وعن تصاعد وتيرة التضخّم، يرجِع نجاد أسباب ذلك إلى عوامل عديدة منها:
1- انخفاض معدّلات الاستثمارات الأجنبية لأسباب سياسية، وضعف في الهيكليات الاقتصادية.
2- ضعف النظام الضريبي في إيران.
3- إشكاليات في العمليات المصرفية.
4- الاعتماد على العائدات النفطية دون غيرها.
في المقابل، يرى مؤيدو الحكومة أن قرار استبدال الدولار باليورو في التعاملات التجارية، إضافةً إلى العقوبات الاقتصادية، جعلا إيران أقل الدول تضرراً وتأثراً بالأزمة المالية العالمية.
وفي محاولة منه للتخفيف من حدة الأزمة، يرى نجاد أن الحكومة حققت تقدماً لافتاً في التكنولوجيا الحديثة والصناعات الفضائية بإرسالها صاروخ أبحاث إلى الفضاء، والتحضير لإطلاق قمر اصطناعي، إضافةً إلى تقدم في الصناعات النفطية وفي مجال الإعمار، ولا سيما بناء السدود والموانئ والبنى التحتية. ويشير إلى أن تقنين مادة البنزين ومنع تهريبها وفّر على خزينة الدولة ما بين 6 إلى 9 مليارات دولار سنوياً.
ويضيف نجاد: «إن التضخّم هو من الأسباب الرئيسية المساهمة في إيجاد الفوارق الطبقية، لهذا ينبغي السيطرة عليه»، فيما يتحدّث رئيس المصرف المركزي، محمود بهمن، عن إجراءات اتخذت، من شأنها فرملة عجلة التضخم، بحيث لا يتجاوز هذا العام عتبة الـ 25 في المئة. ويبرّر خبراء اقتصاديون تراجع بورصة طهران بنسبة 15 في المئة بأنها مقبولة وطبيعية قياساً إلى التراجع الحاد في البورصات العالمية. اللافت هنا، أن بورصة طهران احتلت المرتبة الأولى في العالم هذه السنة لجهة النمو وزيادة الاستثمارات، حسبما صدر عن المؤتمر الدولي للبورصات العالمية، الذي عقد أخيراً في مدينة ميلان الإيطالية.
ويسترسل المدافعون عن سياسة نجاد من الخبراء الاقتصاديين في ترويج مقولة أن «النظام المالي في إيران كان بمنأى عن التأثيرات المدمرة للأزمة المالية العالمية»، حسبما جاء في صحيفة «ميد» الاقتصادية.
ويفسّر وزير الاقتصاد، شمس الدين الحسيني، ذلك بقوله: «بما أن اقتصادنا مرتبط بالتجارة العالمية، فقد تأثرنا بالأزمة العالمية، لكننا استطعنا إدارة الأزمة بسبب التجربة التي نمتلكها في ظل العقوبات الدولية». وكشف الحسيني عن احتياطي مالي يُقدّر بـ25 مليار دولار لدى الحكومة، ومع وجود هذا الاحتياطي المالي فلن تواجه إيران أية مشكلة.
لكن بعض المراقبين يرون أن العقوبات الاقتصادية الدولية تركت تأثيرها وبصماتها في الاقتصاد الإيراني، حيث تشير تقارير دولية إلى أن إيران قد تواجه نقصاً حاداً في المواد الأولية، ما يؤثر على الصناعات المعدنية والبيتروكيميائية. إضافة إلى مشكلة أخرى جديّة، وهي نقص في الغاز مع اقتراب فصل الشتاء.


مطالبات جديدة بإقالة مشائي وأثناء حفل أُقيم في 8 تشرين الثاني حول الاستثمارات الأجنبية في قطاع السياحة، رقصت 12 فتاة باللباس التقليدي وهن يحملن نسخة من القرآن على طبق، الأمر الذي صدم عدداً من المحافظين، ومنهم آية الله ناصر مكارم شيرازي.
كذلك، ذكر آية الله لطف الله الصافي كلبيكاني الأربعاء «أن إهانة القرآن أمر غير مقبول»، مشيراً إلى أن مشائي «غير جدير بشغل هذا المنصب».
ولتهدئة الأمور، قدم مساعد مشائي ومنظم الحفل مهدي جهانغيري، استقالته، مؤكداً «أن حمل القرآن على طبق هو من ضمن تقاليد شعوب غرب إيران». وطلبت رئيسة الكتلة البرلمانية «القرآن والعائلة»، لاله افتخاري، أمس من نجاد طرد مشائي.
(أ ف ب)