برلين ــ غسان أبو حمدبعد موافقة البرلمان الألماني على قرار منح القوى الأمنية وأجهزة الاستخبارات حرية التنصّت على الاتصالات الهاتفية والمراسلات الإلكترونية للمواطنين والدخول بالعدسات السرّية إلى تفاصيل حياتهم الشخصية، بدأت الأحزاب السياسية والمصانع الإلكترونية باستغلال هذا القرار في برامجها الانتخابية وإعلاناتها التجارية. ودخلت الكتل النيابية الرافضة للقرار والمؤيّدة له في بازار انتخابي، وراحت تتبادل الاتهامات في ما بينها، محاولة كسب الناخبين. هكذا دافع التجمع المسيحي الديموقراطي المحافظ، الذي ينتمي إليه وزير الداخلية ولفغانغ شويبله، عن القرار الذي يهدف إلى ضمان «شفافية المواطن»، مطالباً بضرورة تنفيذه في مطلع العام المقبل للحدّ من الإرهاب وحرصاً على السلامة العامة، مشيراً إلى أن «الحرية والأمن وجهان لعملة واحدة». أما الكتلة النيابية اليسارية المعارضة فوصفت القرار بأنه يعيد البلاد إلى سلطة نظام الاستخبارات النازي القمعي «الغستابو». وقرر حزب الأحرار «الليبرالي الديموقراطي» وحزب البيئة «الأخضر»، بالإضافة إلى كتلة الأحزاب اليسارية المعارضة، التصدي للقرار في محاولة لإسقاطه في المجلس الاستشاري الذي سيعقد جلسته في الثامن والعشرين من الشهر الحالي. واللافت إضافة إلى هذا البازار الانتخابي، كان دخول شركات الإنتاج الصناعي الإلكتروني في سوق المنافسة التجارية، فغصّت الصحف الصادرة في اليومين الماضيين بإعلانات وملصقات عن برامج المكافحة الإلكترونية لأجهزة التنصّت على الهاتف الثابت والنقّال، كما الإعلان عن برامج «سوفت واير» متطوّرة لتجهيز آلات الكمبيوتر بإمكانها حماية شبكات الاتصال الإلكترونية من «فيروس السلطة الأمنية»، والكشف المسبق على آلات استراق السمع وعدسات التصوير المزروعة داخل المكاتب وغرف النوم.
وفي السياق أيضاً، تخاف الشركات الصناعية والمصارف الألمانية من تسلّل «فيروس أمن الدولة» إلى حساباتها وفواتيرها المالية «السوداء»، فضلاً عن عصابات تهريب السلع والمنتجات بين دول الاتحاد الأوروبي ومحيطه «الأوروبي الشرقي»، وصولاً إلى رجال السياسة والإعلام، الذين يتخوفون من انكشاف شبكات علاقاتهم الغرامية السرية!
كذلك يطال القرار الأطباء والصحافيين الذين لم يعد بإمكانهم الامتناع عن «الشهادة» أمام المحاكم وسلطات التحقيق بحجة التمسّك بمبدأ «سرّ المهنة».
وهنا تجدر الإشارة إلى أن السلطات الأمنية الأوروبية ليست بحاجة إلى «شرعنة» نشاطها الأمني، فهي سبق أن اعتمدت على «العدسات السرية» بحجة «استباق وقوع الجرائم». ومثال على ذلك، عملية القبض على مواطنين التقطت صور لهم في معسكرات تدريب في باكستان، وآخرون أثناء زرع حقائب متفجرة في محطة ألمانية للقطارات.