لندن ــ حسن زيتونيفي أعقاب الزيارة التي قام بها نائب الرئيس الإيراني، برويز داوودي، إلى الجزائر، والتي استغرقت يومين، تحدثت أوساط دبلوماسية جزائرية عن وساطة تقوم بها هذه الدولة المغاربية لحلّ الخلاف الإيراني ــ الأميركي، الذي قد يشهد تغيّراً في الأسابيع المقبلة عندما يتسلّم الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما، منصبه في البيت الأبيض في العشرين من كانون الثاني 2009.
معظم الأوساط الإعلامية والسياسية في الجزائر وخارجها ركزت في الزيارة الرسمية التي قام بها داوودي إلى الجزائر على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وخصوصاً في ما يتعلق بملف الطاقة والطاقة النووية. السبب يعود بالدرجة الأولى إلى استعداد طهران لوضع برامجها النووية المدنية في خدمة الجزائر، إن كانت هذه الأخيرة تنوي تطوير برامج الأبحاث النووية للبحث عن بدائل الطاقة بعد
النفط.
واستناداً إلى مصادر دبلوماسية جزائرية موثوقة، تحدثت إلى «الاخبار»، فإن طهران استغلت هذه الزيارة وهذا التقارب مع الجزائر لتفتح قنوات الاتصال مع واشنطن، سواء بإدارتها الجمهورية الحالية التي يقودها الرئيس جورج بوش، أو الإدارة الديموقراطية المستقبلية التي يقودها أوباما.
الأسباب في ذلك معروفة، تعود أولاً إلى العلاقات المميّزة التي أصبحت تربط القيادة الجزائرية ممثلةً بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع الرئيس بوش، ولا سيما أن الجزائر فتحت أبوابها للتعاون الأمني مع واشنطن تحت شعار «محاربة الإرهاب»، في منطقة المغرب العربي وفي جنوب الصحراء الجزائرية على الحدود مع دول أفريقية مثل مالي والنيجر وموريتانيا. حدود جغرافية تحوّلت إلى بؤر لأنشطة بعض الجماعات المسلحة بما فيها تنظيم «القاعدة».
أما السبب الثاني والأهم، فيعود إلى الدور التاريخي الذي قامت به الجزائر في الوساطة بين واشنطن وطهران بعد قطع العلاقات الدبلوماسية الإيرانية ـــ الأميركية في عام 1980، فكانت الجزائر راعيةً للمصالح الإيرانية في واشنطن. بعدها تمكنت الدبلوماسية الجزائرية في 20 كانون الثاني من العام نفسه من التوصل إلى اتفاق مع إيران أدى إلى الإفراج عن رهائن السفارة الأميركية في طهران، يوم تسلّم الرئيس رونالد ريغان، مقاليد الحكم في البيت الأبيض، علماً بأن تلك الوساطة بين أميركا وإيران، جلبت خسارة مأسوية للجزائر عندما تحطمت الطائرة التي كانت تقلّ وزير خارجيتها، محمد الصديق بن يحيى، الذي كان يقود الوساطة في تلك الفترة، بعدما أصيبت طائرته بصاروخ على الحدود التركية ـــ العراقية في أيار عام
1982.
وعلى ما يبدو، فإن طهران تعوّل على وساطة جزائرية جديدة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع واشنطن، وخصوصاً في ظل الإشارات الإيجابية الآتية من المعسكر الديموقراطي الذي يقوده أوباما، مثل سحب القوات من العراق وإعادة الثقة في العلاقات الروسية الأميركية، وتفضيل الحل الدبلوماسي على القوة في التعامل مع الملف النووي الإيراني،
وغيرها.
ولا شك أن واشنطن المتخبّطة في وحول الشرق الأوسط، تدرك أهمية الاعتماد على من تراهم قادرين على مساعدتها في استدراك
أخطائها.